قال غيرتم خلق الله وجعلتم فعلكم في قطع الغلفة أصوب مما خلق الله لها وعبتم الأغلف والله خلقه ومدحتم الختان وهو فعلكم أم تقولون إن ذلك من الله كان خطأ غير حكمة؟
قال عليهالسلام ذلك من الله حكمة وصواب غير أنه سن ذلك وأوجبه على خلقه كما أن المولود إذا خرج من بطن أمه وجدنا سرته متصلة بسرة أمه كذلك خلقها الحكيم فأمر العباد بقطعها وفي تركها فساد بين للمولود والأم وكذلك أظفار الإنسان أمر إذا طالت أن تقلم ـ وكان قادرا يوم دبر خلق الإنسان أن يخلقها خلقة لا تطول وكذلك الشعر من الشارب والرأس يطول فيجز وكذلك الثيران خلقها الله فحولة وإخصاؤها أوفق وليس في ذلك عيب في تقدير الله عز وجل.
قال ألست تقول يقول الله تعالى : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) وقد نرى المضطر يدعوه فلا يجاب له والمظلوم يستنصره على عدوه فلا ينصره؟
قال ويحك ما يدعوه أحد إلا استجاب له أما الظالم فدعاؤه مردود إلى أن يتوب إليه وأما المحق فإنه إذا دعاه استجاب له وصرف عنه البلاء من حيث لا يعلمه أو ادخر له ثوابا جزيلا ليوم حاجته إليه وإن لم يكن الأمر الذي سأل العبد خيرا له إن أعطاه أمسك عنه والمؤمن العارف بالله ربما عز عليه أن يدعوه فيما لا يدري أصواب ذلك أم خطأ وقد يسأل العبد ربه هلاك من لم ينقطع مدته أو يسأل المطر وقتا ولعله أوان لا يصلح فيه المطر لأنه أعرف بتدبير ما خلق من خلقه وأشباه ذلك كثيرة فافهم هذا.
قال أخبرني أيها الحكيم ما بال السماء لا ينزل منها إلى الأرض أحد ولا يصعد من الأرض إليها بشر ولا طريق إليها ولا مسلك فلو نظر العباد في كل دهر مرة من يصعد إليها وينزل لكان ذلك أثبت في الربوبية وأنفى للشك وأقوى لليقين وأجدر أن يعلم العباد أن هناك مدبرا إليه يصعد الصاعد ومن عنده يهبط الهابط؟
قال إن كل ما ترى في الأرض من التدبير إنما هو ينزل من السماء ومنها يظهر أما ترى الشمس منها تطلع وهي نور النهار وفيها قوام الدنيا ولو حبست حار من عليها وهلك والقمر منها يطلع وهو نور الليل وبه يعلم عدد السنين والحساب والشهور والأيام ولو حبس لحار من عليها وفسد التدبير وفي السماء النجوم التي يهتدى ( بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) ومن السماء ينزل الغيث الذي فيه حياة كل شيء من الزرع والنبات والأنعام وكل الخلق لو حبس عنهم لما عاشوا والريح لو حبست لفسدت الأشياء جميعا وتغيرت ثم الغيم والرعد والبرق والصواعق كل ذلك إنما هو دليل على أن هناك مدبرا يدبر كل شيء ومن عنده ينزل وقد ( كَلَّمَ اللهُ مُوسى ) وناجاه ورفع الله عيسى بن مريم والملائكة تنزل من عنده غير أنك لا تؤمن بما لم تره بعينك وفيما تراه بعينك كفاية أن تفهم وتعقل.
قال فلو أن الله رد إلينا من الأموات في كل مائة عام واحدا لنسأله عمن مضى منا إلى ما صاروا وكيف حالهم وما ذا لقوا بعد الموت وأي شيء صنع بهم ـ لعمل الناس على اليقين واضمحل الشك وذهب الغل عن القلوب.
قال إن هذه مقالة من أنكر الرسل وكذبهم ولم يصدق بما جاءوا به من عند الله إذ أخبروا وقالوا إن