قال نعم الروح على ما وصفت لك مادتها من الدم ومن الدم رطوبة الجسم وصفاء اللون وحسن الصوت وكثرة الضحك فإذا جمد الدم فارق الروح البدن.
قال فهل يوصف بخفة وثقل ووزن؟
قال الروح بمنزلة الريح في الزق إذا نفخت فيه امتلأ الزق منها فلا يزيد في وزن الزق ولوجها فيه ولا ينقصها خروجها منه كذلك الروح ليس لها ثقل ولا وزن.
قال فأخبرني ما جوهر الريح؟
قال الريح هواء إذا تحرك يسمى ريحا فإذا سكن يسمى هواء وبه قوام الدنيا ولو كفت الريح ثلاثة أيام لفسد كل شيء على وجه الأرض ونتن وذلك أن الريح بمنزلة المروحة تذب وتدفع الفساد عن كل شيء وتطيبه فهي بمنزلة الروح إذا خرج عن البدن نتن البدن وتغير وتبارك اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ.
قال أفتتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق؟
قال بل هو باق إلى وقت ينفخ في الصور فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى فلا حس ولا محسوس ثم أعيدت الأشياء كما بدأها مدبرها وذلك أربعمائة سنة يسبت فيها الخلق وذلك بين النفختين.
قال وأنى له بالبعث والبدن قد بلي والأعضاء قد تفرقت فعضو ببلدة يأكلها سباعها وعضو بأخرى تمزقه هوامها وعضو صار ترابا بني به مع الطين حائط ـ؟
قال عليهالسلام إن الذي أنشأه من غير شيء وصوره على غير مثال كان سبق إليه قادر أن يعيده كما بدأه قال أوضح لي ذلك!
قال إن الروح مقيمة في مكانها روح المحسن في ضياء وفسحة وروح المسيء في ضيق وظلمة والبدن يصير ترابا كما منه خلق وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها مما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض ويعلم عدد الأشياء ووزنها وإن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب فإذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور فتربو الأرض ثم تمخضوا [ تمخض ] مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء ـ والزبد من اللبن إذا مخض فيجتمع تراب كل قالب إلى قالبه فينتقل بإذن الله القادر إلى حيث الروح فتعود الصور بإذن المصور كهيئتها وتلج الروح فيها فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا.
قال فأخبرني عن الناس يحشرون يوم القيامة عراة قال عليهالسلام بل يحشرون في أكفانهم.
قال أنى لهم بالأكفان وقد بليت؟ قال عليهالسلام إن الذي أحيا أبدانهم جدد أكفانهم.
قال فمن مات بلا كفن؟ قال عليهالسلام يستر الله عورته بما يشاء من عنده.
قال أفيعرضون صفوفا؟ قال عليهالسلام نعم هم يومئذ عشرون ومائة ألف صف في عرض الأرض.