قال الرضا عليهالسلام فالذي يعلم الناس أن المريد غير الإرادة وأن المريد قبل الإرادة وأن الفاعل قبل المفعول وهذا يبطل قولكم إن الإرادة والمريد شيء واحد.
قال جعلت فداك ليس ذلك منه على ما يعرف الناس ولا على ما يفقهون.
قال فأراكم ادعيتم على ذلك بلا معرفة وقلتم الإرادة كالسمع والبصر ـ إذا كان ذلك عندكم على ما لا يعرف ولا يعقل؟ فلم يحر جوابا.
ثم قال الرضا عليهالسلام هل يعلم الله تعالى جميع ما في الجنة والنار؟ قال سليمان نعم.
قال فيكون ما علم الله عز وجل أنه يكون من ذلك؟ قال نعم.
قال فإذا كان حتى لا يبقى منه شيء إلا كان أيزيدهم أو يطويه عنهم؟ قال سليمان بل يزيدهم.
قال فأراه في قولك قد زادهم ما لم يكن في علمه أنه يكون.
قال جعلت فداك فالمزيد لا غاية له.
قال فليس يحيط علمه عندكم بما يكون فيما إذا لم يعرف غاية ذلك وإذا لم يحط علمه بما يكون فيهما لم يعلم ما يكون فيهما قبل أن يكون تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
قال سليمان إنما قلت لا يعلمه لأنه لا غاية لهذا لأن الله عز وجل وصفهما بالخلود وكرهنا أن نجعل لهما انقطاعا.
قال الرضا عليهالسلام ليس علمه بذلك بموجب لانقطاعه عنهم لأنه قد يعلم ذلك ثم يزيدهم ثم لا يقطعه عنهم ولذلك قال عز وجل في كتابه ( كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ ) (١) وقال لأهل الجنة ( عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) (٢) وقال عز وجل ( وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ ) (٣) فهو عز وجل يعلم ذلك ولا يقطع عنهم الزيادة أرأيت ما أكل أهل الجنة وما شربوا أليس يخلف مكانه؟ قال بلى.
قال أفيكون يقطع ذلك عنهم وقد أخلف مكانه؟ قال سليمان لا.
قال فكذلك كل ما يكون فيها إذا أخلف مكانه فليس بمقطوع عنهم قال سليمان بلى يقطعه عنهم ولا يزيدهم.
قال الرضا عليهالسلام إذا يبيد ما فيها وهذا يا سليمان إبطال الخلود وخلاف الكتاب لأن الله عز
__________________
(١) النساء ـ ٥٥.
(٢) هود ـ ١٠٩.
(٣) الواقعة ـ ٣٣.