وجل يقول : ( لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ ) (١) ويقول عز وجل ( عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) (٢) ويقول عز وجل ( وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ ) (٣) ويقول عز وجل ( خالِدِينَ فِيها ) (٤) ويقول عز وجل ( وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ ) (٥) فلم يحر جوابا ـ ثم قال الرضا عليهالسلام ألا تخبرني عن الإرادة فعل أم هي غير فعل؟ قال بل هي فعل.
قال فهي محدثة لأن الفعل كله محدث قال ليست بفعل.
قال فمعه غيره لم يزل قال سليمان إن الإرادة هي الأشياء.
قال يا سليمان هذا الذي عبتموه على ضرار وأصحابه من قولهم إن كل ما خلق الله عز وجل في سماء أو أرض أو بحر أو بر من كلب أو خنزير أو قرد أو إنسان أو دابة إرادة الله وإن إرادة الله تحيا وتموت وتذهب وتأكل وتشرب وتنكح وتلد وتظلم وتفعل الفواحش وتكفر وتشرك فتبرأ منها وتعاديها وهذا حدها.
قال سليمان إنها كالسمع والبصر والعلم.
قال الرضا عليهالسلام فكيف نفيتموه؟ فمرة قلتم لم يرد ومرة قلتم أراد وليست بمفعول له قال سليمان إنما ذلك كقولنا مرة علم ومرة لم يعلم.
قال الرضا عليهالسلام ليس ذلك سواء لأن نفي المعلوم ليس ينفي [ بنفي ] العلم ونفي المراد نفي الإرادة أن تكون لأن الشيء إذا لم يرد لم تكن إرادة وقد يكون العلم ثابتا وإن لم يكن المعلوم بمنزلة البصر فقد يكون الإنسان بصيرا وإن لم يكن المبصر ويكون العلم ثابتا وإن لم يكن المعلوم.
فلا يزال سليمان يردد المسألة وينقطع فيها ويستأنف وينكر ما كان أقر به ويقر بما أنكر وينتقل من شيء إلى شيء والرضا صلوات الله عليه ينقض عليه ذلك حتى طال الكلام بينهما ـ وظهر لكل أحد انقطاعه مرات كثيرة تركنا إيراد ذلك مخافة التطويل فآل الأمر إلى أن قال سليمان إن الإرادة هي القدرة.
قال الرضا عليهالسلام وهو عز وجل يقدر على ما لا يريد أبدا ولا بد من ذلك لأنه قال تبارك وتعالى : ( وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ) (٦) فلو كانت الإرادة هي القدرة كان قد أراد أن يذهب به لقدرته.
فانقطع سليمان وترك الكلام عند هذا الانقطاع ثم تفرق القوم.
__________________
(١) ق ـ ٣٥.
(٢) هود ـ ١٠٩.
(٣) الحجر ـ ٤٨.
(٤) البقرة ـ ١٦٢.
(٥) الواقعة ـ ٣٣.
(٦) الإسراء ـ ٨٦.