أحد إلى العقبة ولا يطأها حتى يجاوزها رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة فينظر من يمر بها ويخبر رسول الله صلىاللهعليهوآله وكان رسول الله أمره أن يتشبه بحجر فقال حذيفة يا رسول الله إني أتبين الشر في وجوه القوم من رؤساء عسكرك وإني أخاف إن قعدت في أصل الجبل وجاء منهم من أخاف أن يتقدمك إلى هناك للتدبير عليك يحس بي ويكشف عني فيعرفني ويعرف موضعي من نصيحتك فيتهمني ويخافني فيقتلني.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله إنك إذا بلغت أصل العقبة فاقصد أكبر صخرة هناك إلى جانب أصل العقبة وقل لها إن رسول الله يأمرك أن تنفرجي لي حتى أدخل جوفك ثم يأمرك أن تثقبي فيك ثقبة أبصر منها المارين وتدخل علي منها الروح لئلا أكون من الهالكين فإنها تصير إلى ما تقول لها بإذن الله رب العالمين.
فأدى حذيفة الرسالة ودخل جوف الصخرة ـ وجاء الأربعة والعشرون على جمالهم وبين أيديهم رجالتهم يقول بعضهم لبعض من رأيتموه هنا كائنا من كان فاقتلوه لأن لا يخبروا محمدا أنهم قد رأونا هاهنا فينكص محمد ولا يصعد هذه العقبة إلا نهارا فيبطل تدبيرنا عليه وسمعها حذيفة واستقصوا فلم يجدوا أحدا وكان الله قد ستر حذيفة بالحجر عنهم فتفرقوا فبعضهم صعد على الجبل وعدل عن الطريق المسلوك وبعضهم وقف على سفح الجبل عن يمين وشمال وهم يقولون الآن ترون جبن محمد كيف أغراه بأن يمنع الناس عن صعود العقبة حتى يقطعها هو لنخلو به هاهنا فنمضي فيه تدبيرنا وأصحابه عنه بمعزل وكل ذلك يوصله الله تعالى من قريب أو بعيد إلى أذن حذيفة ويعيه حذيفة فلما تمكن القوم على الجبل حيث أرادوا كلمت الصخرة حذيفة وقالت له انطلق الآن إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبره بما رأيت وبما سمعت قال حذيفة كيف أخرج عنك وإن رآني القوم قتلوني مخافة على أنفسهم من نميمتي عليهم قالت الصخرة إن الذي مكنك من جوفي وأوصل إليك الروح من الثقبة التي أحدثها في هو الذي يوصلك إلى نبي الله وينقذك من أعداء الله.
فنهض حذيفة ليخرج فانفرجت الصخرة بقدرة الله تعالى فحوله الله طائرا فطار في الهواء محلقا حتى انقض بين يدي رسول الله ثم أعيد على صورته فأخبر رسول الله صلىاللهعليهوآله بما رأى وسمع.
فقال رسول الله أوعرفتهم بوجوههم فقال يا رسول الله كانوا متلثمين وكنت أعرف أكثرهم بجمالهم فلما فتشوا المواضع فلم يجدوا أحدا أحدروا اللثام فرأيت وجوههم وعرفتهم بأعيانهم وأسمائهم فلان وفلان وفلان حتى عد أربعة وعشرين.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله يا حذيفة إذا كان الله يثبت محمدا لم يقدر هؤلاء ولا الخلق أجمعون أن يزيلوه إن الله تعالى بالغ في محمد أمره ( وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ).
ثم قال يا حذيفة فانهض بنا أنت وسلمان وعمار وتوكلوا على الله فإذا جزنا الثنية الصعبة فأذنوا للناس أن يتبعونا فصعد رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو على ناقته وحذيفة وسلمان أحدهما آخذ بحطام ناقته يقودها والآخر خلفها يسوقها وعمار إلى جانبها والقوم على جمالهم ورجالتهم منبثون حوالي الثنية على تلك العقبات وقد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب ـ فدحرجوها من فوق لينفروا الناقة برسول الله صلىاللهعليهوآله ويقع به في المهوى الذي يهول الناظر إليه من بعده فلما قربت الدباب من ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآله أذن الله لها فارتفعت ارتفاعا عظيما فجاوزت ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم سقطت في جانب المهوى ولم يبق منها شيء إلا صار كذلك وناقة