ولي ولا قيم ليكون حجة لي على خلقي فالْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً.
بولاية وليي ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي عبدي ووصي نبيي والخليفة من بعده وحجتي البالغة على خلقي ـ مقرون طاعته بطاعة محمد نبيي ومقرون طاعته مع طاعة محمد بطاعتي من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني جعلته علما بيني وبين خلقي من عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن أشرك بيعته كان مشركا ومن لقيني بولايته دخل الجنة ومن لقيني بعداوته دخل النار فأقم يا محمد عليا علما وخذ عليهم البيعة وجدد عهدي وميثاقي لهم الذي واثقتهم عليه فإني قابضك إلي ومستقدمك علي.
فخشي رسول الله صلىاللهعليهوآله من قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا إلى الجاهلية لما عرف من عداوتهم ولما ينطوي عليه أنفسهم لعلي من العداوة والبغضاء وسأل جبرئيل أن يسأل ربه العصمة من الناس وانتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس عن الله جل اسمه فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف (١) فأتاه جبرئيل عليهالسلام في مسجد الخيف فأمره بأن يعهد عهده ويقيم عليا علما للناس يهتدون به ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم (٢) بين مكة والمدينة فأتاه جبرئيل وأمره بالذي أتاه فيه من قبل الله ولم يأته بالعصمة.
فقال يا جبرئيل إني أخشى قومي أن يكذبوني ولا يقبلوا قولي في علي عليهالسلام فرحل فلما بلغ غدير خم (٣) قبل الجحفة (٤) بثلاثة أميال أتاه جبرئيل عليهالسلام على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس فقال يا محمد إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) في علي ( وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (٥).
وكان أوائلهم قريب من الجحفة فأمر بأن يرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان ليقيم عليا علما للناس ويبلغهم ما أنزل الله تعالى في علي وأخبره بأن الله عز وجل قد عصمه من الناس فأمر رسول الله عند ما جاءته العصمة مناديا ينادي في الناس بالصلاة جامعة ويرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر وتنحى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير أمره بذلك جبرئيل عن الله عز وجل وكان في الموضع سلمات (٦) فأمر رسول
__________________
(١) الخيف هو المنحدر من غلظ الجبل قد ارتفع عن سيل الماء فليس شرفا ولا حضيضا ، وخيف منى هو الموضع الذي ينسب إليه مسجد الخيف. مراصد الاطلاع ١ / ٤٩٥.
(٢) كراع الغميم : موضع بالحجاز بين مكة والمدينة امام عسفان بثمانية أميال وهذا الكراع جبل اسود في طرف الجرة يمتد إليه. مراصد الاطلاع ٣ ـ ١١٥٣.
(٣) غدير : ما غودر من ماء المطر في مستنقع صغير او كبير غير انه لا يبقى في القيظ. وخم : قيل رجل ، وقيل غيظة ، وقيل موضع تصب فيه عين ، وقيل بئر قريب من الميثب حفرها مرة بن كعب ، نسب إلى ذلك غدير خم ، وهو بين مكة والمدينة ، وقيل على ثلاثة أميال من الجحفة ، وقيل على ميل ، وهناك مسجد ، للنبي. مراصد الاطلاع ١ / ٤٨٢ ، ٢ / ٩٨٥.
(٤) الجحفة : كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق مكة على أربع مراحل .. وكان اسمها مهيعة وسميت الجحفة لأن السيل جحفها ، وبينها وبين البحر ستة أميال. مراصد الاطلاع ١ / ٣١٥.
(٥) المائدة : ٦٧.
(٦) سلمات : أشجار.