إنا فقدناك فقد الأرض وابلها |
|
واختل قومك فاشهدهم ولا تغب (١) |
قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا |
|
فغاب عنا فكل الخير محتجب |
وكنت بدرا ونورا يستضاء به |
|
عليك ينزل من ذي العزة الكتب |
تجهمتنا رجال واستخف بنا |
|
إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب |
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت |
|
منا العيون بتهمال لها سكب |
قال فرجع أبو بكر وعمر إلى منزلهما ـ وبعث أبو بكر إلى عمر فدعاه ثم قال له أما رأيت مجلس علي منا في هذا اليوم والله لئن قعد مقعدا آخر مثله ليفسدن علينا أمرنا فما الرأي؟ فقال عمر الرأي أن تأمر بقتله قال فمن يقتله؟ قال خالد بن الوليد (٢)
__________________
(١) في كشف الغمة : ثم التفتت إلى قبر أبيها متمثلة بقول هند ابنة اثاثة :
وقد كان بعدك أنباء وهنبثة |
|
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب |
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها |
|
واختل قومك لما غبت وانقلبوا |
(٢) خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي.
قال ابن حجر ـ في الإصابة ـ : « وشهد مع كفار قريش الحروب إلى غزوة الحديبية ، كما ثبت في الصحيح : أنه كان على خيل قريش طليعة ، ثم أسلم في سنة سبع بعد خيبر وقيل قبلها ، ووهم من زعم أنه أسلم سنة خمس ».
وقال ابن الأثير ـ في أسد الغابة ـ : « ولا يصح لخالد مشهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله قبل فتح مكة ولما فتح رسول الله صلىاللهعليهوآله مكة بعثه الى بني جذيمة من بني عامر بن لؤي فقتل منهم من لم يجز قتله. فقال النبي صلىاللهعليهوآله : « اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ». فأرسل مالا مع علي بن أبي طالب رضياللهعنه فودى القتلى وأعطاهم ثمن ما اخذ منهم حتى ثمن ميلغة الكلب ، وفضل معه فضلة من المال فقسمها فيهم فلما اخبر رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك استحسنه .. » ..
و ( قال ) فيه أيضا : « ثم إن أبا بكر أمره بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله على قتال المرتدين منهم مسيلمة الحنفي في اليمامة ، وله في قتالهم الأثر العظيم ، و ( منهم ) : مالك ابن نويرة من بني يربوع من تميم وغيرهم إلا أن الناس اختلفوا في قتل مالك بن نويرة فقيل : ( إنه قتل مسلما ) لظن ظنه خالد به ، وكلام سمعه منه ، وأنكر عليه أبو قتادة وأقسم أنه لا يقاتل تحت رايته ، وأنكر عليه ذلك عمر بن الخطاب .. » ..
و ( قال ) في أسد الغابة أيضا ـ في ترجمة مالك بن نويرة ـ : « فلما فرغ خالد من بني أسد وغطفان ، سار إلى مالك وقدم البطاح فلم يجد به أحدا كان مالك قد فرقهم ونهاهم عن الاجتماع فلما قدم خالد البطاح بث سراياه فأتى بمالك بن نويرة ونفر من قومه فاختلف السرية فيهم ، وكان فيهم أبو قتادة وكان فيمن شهد أنهم أذنوا او أقاموا وصلوا فحبسهم في ليلة باردة ، وأمر خالد فنادى : ادفنوا أسراكم ـ وهي في لغة كنانة : القتل ـ فقتلوهم فسمع خالد الواعية ، فخرج وقد قتلوا ، فتزوج خالد امرأته ، فقال عمر لأبي بكر : سيف خالد فيه رهق وأكثر عليه فقال أبو بكر : تأول فأخطأ ولا اشيم سيفا سله الله على المشركين ، وودى مالكا ، وقدم خالد على أبي بكر ، فقال له عمر : يا عدو الله قتلت امرأ مسلما ثم نزوت على امرأته لأرجمنك ».
( قال ) : « وقيل : إن المسلمين لما غشوا مالكا وأصحابه ليلا ، أخذوا السلاح فقالوا : نحن المسلمون ، فقال أصحاب مالك : ونحن المسلمون ، فقالوا لهم ، ضعوا السلاح فوضعوه وصلوا وكان خالد يعتذر في قتله ، أن مالكا قال : ما أخال صاحبكم إلا قال كذا فقال أو ما تعده لك صاحبا؟ فقتله ، فقدم متمم على أبي بكر ، يطلب بدم أخيه وأن يرد عليهم سبيهم فأمر أبو بكر برد السبي ، وودى مالكا من بيت المال ، فهذا جميعه ذكره الطبري وغيره من الأئمة ويدل على أنه لم يرتد .. » انتهى.
وجعله أبو بكر واليا من قبله على الشام فلما ولي عمر الخلافة عزله ومات فيها بحمص في خلافة عمر. ـ