أن أجمّ الحرب أياماً ، فقد تعلم ما نزل بنا في هذه الأيام وإن كان عندك رأي غير هذا فهاته؟
فقال عمرو : أمّا أنا فأقول إنّ رجاءك لا يقوم رجاءه ، ولست بمثله ، وهو رجل يقاتلك على أمر وأنت تقاتله على غيره ، وهو يريد الفناء وأنت تريد البقاء ، وليس يخاف أهل الشام من عليّ إن ظفر بهم ما يخاف أهل العراق إن ظفرت بهم ، وأظنك تريد مخادعة عليّ ، واين أنت من خديعته.
فقال معاوية : فكيف ذلك؟ ألسنا ببني عبد مناف؟
فضحك عمرو ثمّ قال : بلى لعمري أنت وهو من بني عبد مناف كما تقول ولكن لهم النبوة من دونك ، فإن شئت فاكتب ».
قال نصر : « وإنّ معاوية كان يكاتب ابن عباس ، وكان يجيبه بقول ليّن ، وذلك قبل أن يعظم الحرب » (١).
أقول : ولم أقف على شيء من تلك المكاتبات سوى ما ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق ونقله المتقي الهندي قال : « عن عبد الملك بن حميد قال : كنّا مع عبد الملك بن صالح بدمشق فأصاب كتاباً في ديوان دمشق :
بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله بن عباس إلى معاوية بن أبي سفيان ، سلام عليك ، فإنّي أحمد الله إليك الّذي لا إله إلاّ هو ، عصمنا الله وإياك بالتقوى ، أمّا بعد فقد جاءني كتابك فلم اسمع منه إلاّ خيراً ، وذكرت شأن المودة بيننا ،
____________
(١) وقعة صفين / ٤٧١.