وإنّك لعمر الله لودود في صدري من أهل المودة الخالصة والخاصة ، وإنّي للخلّة الّتي بيننا لراع ، ولصالحها لحافظ ولا قوّة إلاّ بالله.
أمّا بعد فإنّك من ذوي النهى من قريش وأهل الحلم والخلق الجميل منها ، فليصدر رأيك بما فيه النظر لنفسك والتقية (البقية ظ) على دينك ، والشفقة على الإسلام وأهله ، فإنّه خير لك وأوفر لحظك في دنياك وآخرتك ، وقد سمعتك تذكر شأن عثمان بن عفان فاعلم إنّ انبعاثك في الطلب بدمه فرقة وسفك للدماء ، وانتهاك للمحارم ، وهذا لعمر الله ضرر على الإسلام وأهله ، وإنّ الله سيكفيك أمر سافكي دم عثمان ، فتأنّ في أمرك ، واتق الله ربّك ، فقد يقال لك : إنك تريد الإمارة ، وتقول : إن معك وصية من النبيّ صلّى الله عليه (وآله) وسلّم بذلك ، فقول نبيّ الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم الحقّ فتأن في أمرك ، ولقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم يقول للعباس أنّ الله يستعمل من ولدك اثني عشر رجلاً منهم السفاح والمنصور والمهدي والأمين والمؤتمن وأمير العصب ، أفتراني استعجل الوقت أو أنتظر قول رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم؟ وقوله الحقّ ، وما يرد الله من أمر يكن ولو كره العالم ذلك ، وأيم الله لو أشاء لوجدت متقدماً وأعواناً وأنصاراً ولكني أكره لنفسي ما أنهاك عنه فراقب الله ربّك ، واخلف محمداً في أمته خلافة صالحة ، فأمّا شأن ابن عمك عليّ بن أبي طالب فقد استقامت له عشيرته وله سابقته وحقه ، وبحوله على الحقّ أعوان ونصحاء لك وله ولجماعة المسلمين.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.