وأبو موسى (يعني الأشعري) المسجد فقال (حذيفة) : أحدهما منافق ثمّ قال : إن أشبه الناس هدياً ودلاًّ وسناً برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عبد الله ... اهـ » (١).
فهذا نص له قيمته الدلالية في أنّ أبا موسى هو المنافق الّذي أشار إليه حذيفة بقوله : أحدهما منافق.
وقال ابن أبي الحديد : « وروى أنّ عمّاراً سئل عن أبي موسى فقال : لقد سمعت فيه من حذيفة قولاً عظيماً سمعته يقول : صاحب البرنس الأسود ، ثمّ كلح كلوحاً ، علمت منه انّه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط » (٢).
فبعد هذا العرض الموجز تبيّن للقارئ أنّ الأشعث وأبا موسى لم يكونا من الصحابة المؤمنين الذين امتحن الله قلوبهم للإيمان ، بل كانا من المنافقين الذين لعنهم الله ورسوله.
وحسبنا بما قدمنا دلالة لمن يريد أن يتعرّف دخيلة الرجلين الأشعث وأبا موسى تحت المجهر ، ولعل من السخرية بعقول الناس أن يكون أبو موسى هو الراوي لقول الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يكون في هذه الأمة حكَمان ضالان ضالٍ من تبعهما ، فقال له سويد بن غفلة : يا أبا موسى انظر لا تكن أحدهما.
ثمّ ينبري علماء التبرير لتضعيف الحديث حفاظاً على أبي موسى (٣). ثمّ هم يروون : كان أبو موسى يحدّث قبل وقعة صفين ويقول : انّ الفتن لم تزل في بني اسرائيل ترفعهم وتخفضهم حتى بعثوا الحكمينَ يحكمان بحكم لا يرضى به من
____________
(١) المعرفة والتاريخ ٢ / ٧٧١.
(٢) شرح النهج لابن أبي الحديد ٣ / ٢٨٨.
(٣) مجمع الزوائد ٧ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦ ط القدسي قال الهيثمي رواه الطبري وقال : هذا عندي باطل لأن جعفر بن عليّ شيخ مجهول لا يُعرف؟ قلت ـ والقائل هو الهيثمي ـ إنّما ضعفه من عليّ بن عابس الأسدي فإنه متروك.