اتبّعهما ، وانّ هذه الأمة لا تزال بها الفتن ترفعها وتخفضها حتى يبعثوا حكمينَ يحكمان بما لا يرضى به من اتبعهما.
فقال له سويد بن غفلة : إياك إن ادركتَ ذلك الزمان أن تكون أحد الحكمينَ.
قال : أنا؟! قال : نعم أنت.
قال : فكان يخلع قميصه ويقول : لا جعل الله لي إذاً في السماء مَصعَداً ، ولا في الأرض مَقعَداً.
فلقيه سويد بن غفلة بعد ذلك فقال : يا أبا موسى أتذكر مقالتك؟ قال : سل ربّك العافية (١).
وهنا أيضاً ينبري علماء التبرير بالتزوير فيرووا لنا حديث سويد بن غفلة أنّه قال : « إنّي لأمشي مع عليّ بشط الفرات فقال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إنّ بني اسرائيل اختلفوا فلم يزل اختلافهم بينهم حتى بعثوا حكَمَينَ فضلاّ وأضلاّ ، وإنّ هذه الأمة ستختلف فلا يزال اختلافهم بينهم حتى يبعثوا حكمَينَ فيَضِلاّن ويُضِلاّن من اتبعهما ». وهذا قد رواه البيهقي في الدلائل وحكاه عنه ابن كثير ولم يرق له ذلك فتعقّبه بقوله : « فإنّه حديث منكر ، ورفعه موضوع والله أعلم. إذ لو كان هذا معلوماً عند عليّ لم يوافق على تحكيم الحكمين حتى لا يكون سبباً لإضلال الناس ، كما نطق به هذا الحديث ، وآفة هذا الحديث هو زكريا بن يحيى وهو الكندي الحميري الأعمى قال ابن معين : ليس بشيء » (٢).
____________
(١) مروج الذهب ٢ / ٤٠٣ ، ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ٢ / ٣٦٣ ط الحيدرية نقلاً عن ابن مردويه.
(٢) البداية والنهاية ٧ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤.