يا أبا موسى إن معاوية طليق الإسلام ، وأنّ أباه رأس الأحزاب ، وأنّه يدعي الخلافة من غير مشورة ولا بيعة ، فإن زعم لك انّ عمر وعثمان استعملاه ، فلقد صدق استعمله عمر وهو الوالي عليه ، بمنزلة الطبيب يحميه ما يشتهي ويوجره ما يكره ، ثمّ استعمله عثمان برأي عمر ، وما أكثر ما استعملا ممّن لم يدع الخلافة.
واعلم أنّ لعمرو مع كلّ شيء يسرّك خبأ يسؤك ، ومهما نسيت فلا تنس أنّ عليّاً بايعه القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان ، وانّها بيعة هدىً ، وانّه لم يقاتل إلاّ العاصين والناكثين.
فقال أبو موسى : رحمك الله والله ما لي إمام غير عليّ ، وإنّي لواقف عندما أرى ، وانّ حقّ الله أحبّ إليَّ من رضا معاوية وأهل الشام ، وما أنت وأنا إلاّ بالله » (١).
قال ابن أبي الحديد : وروى في الموفقيات أيضاً الخبر الّذي رواه المدائني وقد ذكرناه آنفاً من كلام ابن عباس لأبي موسى وقوله : انّ الناس لم يرضوا بك لفضل عندك لم تشارك فيه ، وذكر في آخره : فقال بعض شعراء قريش :
والله ما كلّم الأقوام من بشر |
|
بعد الوصي عليّ كابن عباس |
أوصى ابن قيس بأمر فيه عصمته |
|
لو كان فيها أبو موسى من الناس |
إنّي أخاف عليه مكرَ صاحبه |
|
أرجو رجاء مخوف شيب بالياس (٢) |
٧ ـ قال المسعودي في مروج الذهب : « ولمّا وقع التحكيم تباغض القوم جميعاً ، وأقبل بعضهم يتبرأ من بعض ، يتبرأ الأخ من أخيه ، والابن من أبيه ، وأمر
____________
(١) أنظر شرح النهج لابن أبي الحديد ١ / ١٩٥.
(٢) نفس المصدر ١ / ٢٠١.