ومنهم المكثر ، فذهب إلى أنّه رجع من الخوارج عشرون ألفاً ، كأبي نعيم في حلية الأولياء (١) ، وهذا لا شك عندي فيه وهم من أبي نعيم ، لأنّ الخوارج الحرورية لم يبلغ عددهم جميعاً يومئذ هذا القدر وقد مرّ أنّهم إثنا عشر ألفاً فكيف رجع منهم عشرون ألفاً. وقال ابن تيمية في كتابه الفرقان بين الحقّ والباطل : « فأرسل إليهم ابن عباس فناظرهم فرجع نصفهم والآخرون أغاروا على ماشية الناس واستحلوا دماءهم فقتلوا ابن خباب ... فقاتلهم عليّ ... » (٢).
وما بين المقل والمكثر أقوال ، أقومها وأقسطها عندي ما ذكره عبد الله بن شداد بن الهاد في حديثه وقد مرّ أنّهم أربعة آلاف ، وقد رواه عنه سوى من تقدم ذكره آنفاً وصححه الحاكم في المستدرك (٣) وأقره الذهبي في تلخيصه ، وذكره القسطلاني في إرشاد الساري (٤) نقلاً عن الطبراني والحاكم وأبي يعلى من طريق أفلح بن عبد الله.
وهذا ما يظهر من كلام المحب الطبري في ذخائر العقبى حيث قال : « فرجع ثلثهم ، وانصرف ثلثهم ، وقتل سائرهم على الضلالة » (٥). ولم يبعد عن ذلك ابن كثير مع التحوير في التعبير فقد قال في البداية والنهاية : « فرجع بعضهم واستمر بعضهم على ضلالهم » (٦). وربّما تبع في ذلك غيره.
____________
(١) حلية الأولياء ١ / ٣١٨.
(٢) مؤلفات ابن تيمية ١٣ / ٢٠٨ ط الثانية.
(٣) مستدرك الحاكم ٢ / ١٥٣.
(٤) إرشاد الساري ١٠ / ٨٨.
(٥) ذخائر العقبى / ٢٢٣.
(٦) البداية والنهاية ٧ / ٢٧٩.