مجتمعون في دار ، وهم قائلون في نحر الظهيرة نصف النهار فسلّمت عليهم ، فقالوا : مرحباً بك يا أبا عباس فما هذه الحلة؟ قال قلت : ما تعيبون عليّ ، لقد رأيت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أحسن ما يكون من الحلل ، ونزلت ( قل مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ ) (١).
قالوا : فما جاء بك؟
قلت : أتيتكم من عند أصحاب النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من المهاجرين والأنصار ، ومن عند ابن عم النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وصهره ، لأبلّغكم ما يقولون ، وتُخبرون بما يقولون ، فعليهم نزل القرآن وهم أعلم بالوحي منكم ، وفيهم أنزل ، وليس فيكم منهم أحد.
فقال بعضهم : لا تخاصموا قريشاً فإنّ الله يقول ( بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) (٢).
قال ابن عباس : وأتيت قوماً لم أر قوماً قط أشدَّ اجتهاداً منهم ، مسهمة وجوههم من السهر كأنّ أيديهم ورُكبهم كأنّها ثفن الإبل ووجوههم معلَّمة من آثار السجود وعليهم قمص مرحضة مشمرين.
فقال اثنان أو ثلاثة : لو كلّمتهم ، فانتحى لي نفر منهم قال بعضهم : لنكلمنّه ولننظرن ما يقول.
قلت : أخبروني هاتوا ما نقمتم على ابن عم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وصهره والمهاجرين والأنصار؟
قالوا : ثلاثاً ، قلت : ما هنّ؟ قالوا : أمّا إحداهنّ فإنّه حكّم الرجال في أمر الله ، قال الله (عزّ وجلّ) : ( إِنْ الْحُكْمُ إِلاّ لِلَّهِ ) (٣) ما شان الرجال والحكم. فقلت : هذه واحدة.
____________
(١) الأعراف / ٣٢.
(٢) الزخرف / ٥٨.
(٣) الأنعام / ٥٧.