قالوا : وأمّا الثانية فإنّه قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فلئن كان الذين قاتل كفاراً لقد حلّ سبيهم وغنيمتهم ، ولئن كانوا مؤمنين ما حلّ سبيهم ولا قتالهم.
قلت : هذه ثنتان فما الثالثة؟
قالوا : إنّه محا اسمه من أمير المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين.
قلت : هل عندكم شيء غير هذا؟ قالوا : حسبنا هذا.
فقلت لهم : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله جل ثناؤه وسنة نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما يردّّ به قولكم أترضون؟ أترجعون؟.
قالوا : نعم ، فقلت لهم : أمّا قولكم حكّم الرجال في أمر الله فإني اقرأ عليكم ما قد ردّ حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم في أرنب ونحوه من الصيد ، فأمر الله تبارك وتعالى أن يحكموا فيه ، أرأيتم قول الله تبارك وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (١) وكان من حكم الله أنّه صيّره إلى الرجال يحكمون فيه ، ولو شاء يحكم فيه ، فجاز من حكم الرجال ، فنشدتكم بالله أحكم الرجال في أرنب ونحوها من الصيد أفضل أم حكمهم في حقن دمائهم وإصلاح ذات بينهم؟ قالوا : بل هذا أفضل.
وقال الله (عزّ وجلّ) في المرأة وزوجها : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ) (٢) فنشدتكم بالله حكم
____________
(١) المائدة / ٩٥.
(٢) النساء / ٣٤.