الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بُضع امرأة؟ فجعل حكم الرجال سنة ماضية ، أخرجت من هذه؟ قالوا : نعم.
قلت : وأمّا قولكم : قاتل ولم يسب ولم يغنم ، افتسبون أمكم عائشة تستحلون منها ما تستحلون من غيرها وهي أمكم ، فإن قلتم إنّا نستحل منها ما نستحلّ من غيرها فقد كفرتم ، وإن قلتم : ليست بأمنا فقد كفرتم فإنّ الله تعالى يقول : ( النبيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) (١) فأنتم تدورون بين ضلالتين أيّهما صرتم اليها صرتم إلى ضلالة فاتوا منها بمخرج فاختاروا أيتهما شئتم ـ فنظر بعضهم إلى بعض ـ قلت : أفخرجت من هذه؟ قالوا : نعم. قال : قلت : وأمّا قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين ، فأنا آتيكم بما ترضون أراكم قد سمعتم أنّ نبيّ الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم يوم الحديبية كاتب المشركين سهيل بن عمرو وأبا سفيان بن حرب فقال رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم لأمير المؤمنين اكتب يا عليّ : هذا ما أصطلح عليه محمّد رسول الله ، فقال المشركون : لا والله ما نعلم أنك رسول الله ، لو نعلم أنّك رسول الله ما قاتلناك. فقال رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم : اللّهمّ إنّك تعلم أنّي رسولك ، أكتب يا عليّ : هذا ما أصطلح عليه محمّد بن عبد الله. فوالله لرسول الله خير من عليّ ، وقد محا نفسه ، ولم يكن محوه نفسه ذلك محاه من النبوّة أخرجت من هذه؟ قالوا : نعم.
قال عبد الله بن عباس : فرجع منهم ألفان ، وخرج سائرهم فقتلوا على ضلالهم ، قتلهم المهاجرون والأنصار ».
____________
(١) الأحزاب / ٦.