قال نصر في حديثه : ثمّ انّهم خلّوا بين الحكمين ، فكان رأي عبد الله بن قيس أبو موسى في ابن عمر وكان يقول : والله أن لو استطعت لأحييّن سنة عمر » (١).
قال المسعودي وهو يذكر حديث استدراج عمرو لأبي موسى ـ إلى أن قالـ : « قال أبو موسى : قد علمت أنّ أهل العراق لا يحبّون معاوية أبداً ، وأنّ أهل الشام لا يحبّون عليّاً أبداً ، فهلمّ نخلعهما جميعاً ونستخلف عبد الله بن عمر ـ وكان عبد الله بن عمر على بنت أبي موسى ـ قال عمرو : أيفعل ذلك عبد الله بن عمر؟ قال أبو موسى : نعم إذا حمله الناس على ذلك فَعل ، فعمد عمرو إلى كلّ ما مال إليه أبو موسى فصوّبه ، وقال له : هل لك في سعد؟ قال له أبو موسى : لا فعدّد له عمرو جماعة وأبو موسى يأبى ذلك إلاّ ابن عمر ، فأخذ عمرو الصحيفة وطواها وجعلها تحت قدمه بعد أن ختماها جميعاً » (٢).
ولنقرأ عن موقف ابن عباس في تلك الساعة الحرجة كيف كان حاله فيها؟ ولا أظن وصفاً بالغاً صاحبُه فيه ما أراد أبلغ من وصف عمرو بن العاص له ، فقد روى أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب في أماليه (٣) ، وعنه المعتزلي في شرح النهج (٤) : « أنّ عمرو بن العاص قال لعتبة بن أبي سفيان يوم الحكمين : أما ترى ابن عباس قد فتح عينيه ونشر أذنيه ، ولو قدر أن يتكلم بهما فعل ، وإنّ غفلة أصحابه لمجبورة بفطنته ، وهي ساعتنا الطولى فاكفنيه.
____________
(١) وقعة صفين / ٦١٤.
(٢) مروج الذهب للمسعودي ٢ / ٤٠٨.
(٣) الأمالي ٢ / ٤٧٧ تح ـ هارون ط دار المعارف لمصر.
(٤) شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ / ١٠٧.