قال عتبة : بجهدي ، قال فقمت فقعدت إلى جانبه ، فلمّا أخذ القوم في الكلام أقبلت عليه بالحديث ، فقرع يدي وقال : ليست ساعة حديث ، قال : فأظهرت غضباً وقلت : يابن عباس إنّ ثقتك بأحلامنا أسرعت بك إلى أعراضنا ، وقد والله تقدم من قَبلِنا العذر ، وكثر منا الصبر ، ثمّ أقذعته ، فجاش لي مرجله ، وارتفعت أصواتنا فجاء القوم ، فأخذوا بأيدينا فنحوه عني ونحونّي عنه ، فجئت فقربت من عمرو بن العاص فرماني بمؤخر عينيه إني ما صنعت؟ فقلت : كفيتك التقوالة ، فحمحم كما يحمحم الفرس للشعير.
قال : وفات ابن عباس أولُ الكلام فكره أن يتكلم في آخره ».
وروى ابن أبي الحديد في شرح النهج : « قال : وذكر محمّد بن القاسم ابن يسار الأنباري في أمإليه : قال : قال عبد الرحمن بن خالد بن الوليد : حضرت الحكومة ، فلمّا كان يوم الفصل ، جاء عبد الله بن عباس فقعد إلى جنب أبي موسى ، وقد نشر أذنيه حتى كاد أن ينطق بهما فعلمت أنّ الأمر لا يتم لنا ما دام هناك ، وانّه سيفسد على عمرو حيلته ، فأعملت المكيدة في أمره فجئت حتى قعدت عنده ، وقد شرع عمرو وأبو موسى في الكلام ، فكلّمت ابن عباس كلمة استطعمت جوابها فلم يجب ، فكلمته أخرى فلم يجب ، فكلمته ثالثة فقال : إنّي لفي شغل عن حوارك الآن ، فجبهته وقلت : يا بني هاشم لا تتركون بأوكم وكبركم أبداً ، أما والله لولا مكان النبوة لكان لي ولك شأن قال : فحمي وغضب واضطرب فكره ورأيه ، وأسمعني كلاماً يسوء سماعه ، فأعرضت عنه وقمت فقعدت إلى جانب عمرو بن العاص ،