وحكما بهوى أنفسهما بغير حجة ولا حقٍّ معروف. فأماتا ما أحيا القرآن ، وأحييا ما أماته ، واختلفا في حكمهما كلامُهما ، ولم يرشدهما الله ولم يوفقهما ، فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين ، فتأهبوا للجهاد ، واستعدوا للمسير ، وأصبحوا في عساكركم إن شاء الله تعالى » (١).
قال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة (٢) ، وابن عبد ربه في العقد الفريد (٣) ، وابن شهر اشوب في المناقب (٤) ، ثمّ قال : « قم يا حسن فتكلم في أمر هذين الرجلين أبي موسى وعمرو.
فقام الحسن فتكلم فقال : أيها الناس قد أكثرتم في أمر أبي موسى وعمرو ، وإنّما بُعثا ليحكما بالقرآن دون الهوى فحكما بالهوى دون القرآن على الكتاب فمن كان هكذا لم يسم حَكَماً ولكنه محكوم عليه ، وقد كان من خطأ أبي موسى أن جعلها لعبد الله بن عمر فاخطأ في ثلاث خصال : خالف ـ يعني أبا موسى ـ أباه إذ لم يرضه لها ولم يره أهلاً لها ، وكان أبوه أعلم به من غيره ، ولا أدخله في الشورى إلاّ على انّه لا شيء له فيها شرطاً مشروطاً من عمر على أهل الشورى فهذه واحدة. وثانية : لم تجمع عليه المهاجرون والأنصار الذين يعقدون الإمامة ويحكمون على الناس. وثالثة : لم يستأمر الرجل في نفسه ولا علم ما عنده من ردّ أو قبول. وأمّا الحكومة فقد حكّم النبيّ عليه الصلاة والسلام سعد بن معاذ في بني قريظة ، فحكم بما
____________
(١) مروج الذهب ٢ / ٤١٢.
(٢) الإمامة والسياسة ١ / ١١٦.
(٣) العقد الفريد ٤ / ٣٥٠ ط محققة أحمد أمين ورفيقاه.
(٤) المناقب ٣ / ٣٧٣ ط الحيدرية.