فلمّا قرأ كتابهم يئس منهم » (١).
إذن تبين لنا عدم الشك في حضور الحبر ابن عباس مع جند أهل البصرة عند الإمام في النخيلة ، وهو (عليه السلام) لم يبرح حتى تكامل جيشه ، ولمّا عزم على المسير إلى أهل الشام ، بلغه مقالة الناس : « أن لو سار بنا إلى هذه الحرورية فبدأنا بهم ، فإذا فرغنا منهم وجّهنا من وجهنا ذلك إلى المحلّين » ، فقام في الناس خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : (أمّا بعد فإنّه قد بلغني قولكم لو أنّ أمير المؤمنين سار بنا إلى هذه الخارجة الّتي خرجت عليه فبدأنا بهم ، فإذا فرغنا منهم وجّهنا من وجهنا ذلك إلى المحلّين ، وإنّ غير هذه الخارجة أهمّ إلينا منهم ، فدعوا ذكرهم وسيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا جبّارين ملوكاً ، ويتخذوا عباد الله خولا).
فتنادى الناس من كلّ جانب سر بنا يا أمير المؤمنين حيث أحببت.
فلمّا همّ بالمسير بلغه ما صنع الخوارج بعبد الله بن خبّاب وقتلهم امرأته وهي حامل متم فشقّوا بطنها.
قام إليه ناس فقالوا : يا أمير المؤمنين علام ندع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في أموالنا وعيالنا ، سر بنا إلى القوم ، فإذا فرغنا فيما بيننا وبينهم سرنا إلى عدونا من أهل الشام.
فارتضى ذلك الرأي وأمر الناس بالرحيل ، ثمّ سار والناس معه حتى أتى النهروان ، وسار بأصحابه حتى نزل على فرسخين من النهروان ثمّ راسلهم وكاتبهم فلم يرتدعوا (٢).
____________
(١) التذكرة / ١١٠ ط حجرية.
(٢) مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي / ٤٥ ط حجرية.