فقال ابن عباس : أمّا هذه الحلة فقد رأيت خيراً منها على مَن هو خير مني وهو أبو القاسم محمّد صلّى الله عليه (وآله) وسلّم ، وأمّا الحرب فقد دنت منا ومنكم ولا شك في ذلك ، فهاتوا ما الّذي نقمتم على عليّ (رضي الله عنه)؟
قالوا : نقمنا عليه أشياء ، لوكان حاضراً لكفّرنا بهنّ ، وعليّ وراءه يسمع ذلك.
فالتفت ابن عباس إلى عليّ فقال : يا أمير المؤمنين إنّك قد سمعت الكلام فأنت أحق بالجواب » (١).
وروى السبط عن ابن عباس قال : « لمّا خرجنا إلى قتال الخوارج سمع عليّ (عليه السلام) رجلاً منهم يتهجّد بالقرآن فقال : نومٌ على يقين خير من صلاة في شك » (٢) ـ ما أبلغها من كلمة تصلح أن تكون ميزاناً توزن به أعمال الرجال ـ.
قال ابن أعثم في تاريخه (٣) ، وابن طلحة الشافعي واللفظ له : « فتقدم عليّ حتى واجه القوم وقال : أيّها الناس أنا عليّ بن أبي طالب فتكلموا بما نقمتم به عليَّ؟ فقالوا : نقمنا عليك أوّلاً قاتلنا بين يديك بالبصرة ، فلمّا أظفرك الله بهم أبحتنا ما كان في عسكرهم ومنعتنا النساء والذرية ، فكيف تستحل ما كان في العسكر ولا تستحل النساء والذرية؟
فقال لهم (عليه السلام) : يا هؤلاء انّ أهل البصرة قاتلونا وبدأونا بالقتال ، فلمّا ظفرتم أقتسمتم سلب من قاتلكم ، ومنعتكم من النساء والذرية ، فإنّ النساء لم يقاتلن ، والذرية ولدوا على الفطرة ولم ينكثوا ولا ذنب لهم ، وقد رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
____________
(١) تاريخ ابن أعثم ٤ / ١٢١.
(٢) تذكرة الخواص / ٦١.
(٣) تاريخ ابن أعثم ٤ / ١٢٣ ـ ١٢٥.