بولاية من عادى الله ورسوله وبعداوة أولياء الله ، ويدين بخلاف ما عليه المسلمون من الحقّ الّذي هم عليه ، وفارقوهم على خلافه ، فوالله لو كانت الحكومة حقاً لكان عليّ ترك الحقّ بتحكيمه في دين الله مَن يدين بخلاف دين الله فيما استحل من قتل المؤمنين وسفك دمائهم وما حرّم الله من قتال الفئة الباغية مع ما يدين به من ولاية من عادى الله ورسوله وعداوة أولياء الله ، على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والله سبحانه يقول : ( وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) (١).
ثمّ قالوا : نذكرك الله يا بن عباس هل تعلم أنّ أبا موسى كان شاكاً في قتال الفئة الباغية يحرّم ما أحل الله من قتال الفئة الباغية ، ويخذّل الناس عن القتال؟
قال : اللّهمّ نعم.
قالوا : انّ عليّاً حكّم فيمن قتل الصيد وهو محرم من يعتقد أنّه لا يحرم قتل الصيد في الحرم ، ولا يحرم قتل الصيد في الحلّ على المحرم ، أكان بتحكيمه من كان هذا أمره وصفته على هذا الوجه ضلالاً إذ حكّم شاكاً ـ مرتاباً فيما حكم الله به من تحريم قتل الصيد في الحرم إذ كان محرماً لضلّ بتحكيمه مَن هذا أمره وصفته ، ولو كانت الحكومة عدلاً لكان بحكومة مَن يستحل قتل المؤمنين ويعاديهم ويكفر بدينهم ضالاً ، وقد أضل بحكومته من يحرّم ما أحل الله للمؤمنين من قتال من بغى عليهم ، واتبع سبيلاً غير سبيلهم ، وأبى أن يقرّ بحكم القرآن فيما خالفوا فيه ، فنذكرك الله يا بن عباس هل تعلم انّ عمرو بن العاص استحلّ ما حرّم الله من دماء المسلمين ، وحرّم ما أحلّ الله من قتال من بغى على
____________
(١) النساء / ١١٥.