عنها أوّلاً تأديباً ثمّ حرّمها بعد ذلك من نعمه وطوله ومنّته على نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعلى المؤمنين ، وكذا مفاداة النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأهل بدر ، ولا أمر ولا نهي ولا وعيد ، وقال تعالى : ( لَوْلاَ كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) (١) وقد كان سبق من الله العفو عنهم والمغفرة لهم فيما فعلوا ، (وقيل) (؟) سبق من الله أن لا يعذّب أحداً إلاّ بعد بيان ، (أو سبق) (؟) من الله (جلّ جلاله) أن يحلّ لهذه الأمة ما غنموا من عدوّهم إذا حاربوا ، وأنزل الله (عزّ وجلّ) على نبيّه بعد ذلك تحريم معاهدة المشركين فقال ( بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ـ إلى قوله جلّ وعلا : ـ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ـ وإلى قوله : ـ لا يَعْلَمُونَ ) (٢) (؟) فجاءت براءة بنقض كلّ عهد وتحريم أمان المشركين وقتلهم حيث ما وجدوا وحصرهم والقعود لهم بكل مرصد وتحريم الجنوح اليهم ، ولا يقبل منهم إلاّ الدخول في الإسلام والاقرار به ولاهل الكتاب الجزية ، فما لهم إلاّ الإسلام أو الجزية ولم يحل الله أمان أحد منهم إلاّ من استجار ليسمع كلام الله فان لم يؤمن أبلغه مأمنه. وقال الله (عزّ وجلّ) : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ـ إلى قوله ـ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) (٣) فلا إقامة لأحد على ما نقل الله نبيّه عنه. فما حجة صاحبك علينا فيما نقل الله نبيّه والمؤمنين عنه ، وحرّم ذلك عنه ، وان جوّز ذلك فليرجع إلى استقبال بيت المقدس وإلى كلّ ما نسخ.
ثمّ قالوا نذكرك الله يا بن عباس هل تعلم أنّ الّذي احتج به صاحبك علينا منتقض غير جائز في الدين؟
____________
(١) الأنفال / ٦٨.
(٢) براءة / ١.
(٣) براءة / ٢٨.