( إِنْ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ـ إلى قوله ـ لا يَعْلَمُونَ ) (١) وما جعل الله (عزّ وجلّ) الحكم فيه للرجال فليحكم فيه ذوا عدل ولا حكم في غير ذلك للرجال ، قال الله جلّ وعلا : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ ) ـ إلى قوله ـ ( ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا ) (٢) وقال : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) ـ إلى قوله (عزّ وجلّ) ـ ( وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (٣) فكيف يحكّم في دين الله من لم يحكّمه الله ورسوله ، ووجد في نفسه حرجاً ممّا قضى الله ورسوله وأبى أن يسلّم تسليماً ، واستحل قتل من حكّم الله ورسوله وسلّم لحكمه تسليماً ، فان معاوية وعمرو ابن العاص أبيا أن يسلمّا لحكم الله ورسوله؟
قال : اللّهمّ نعم.
ثمّ قالوا : يا بن عباس ان كان معاوية وعمرو بن العاص سلما لحكم الله وما أنزل من القرآن ورجعا عمّا كانا عليه وفاءاً إلى أمر الله ورجعا إلى دين المسلمين فالحق علينا أن نقبل عنهما ونتولاّهما ، لأنّ الله أمر بقتال الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله ، فإذا فاءوا إلى أمر الله قبل ذلك منهم ، ولم يسع أحداً يردّ ذلك عليهما ، وأمّا أن نحكّم الرجال فيما قد فرغ الله من الحكم فيه ، فإن كان حكموا بنقض ما جاءنا من الله فننتقل عما نحن عليه من البينات إلى الضلال والعمى والترك لحكم الله ، والإيمان الّذي نحن عليه حتى يستحل ما حرم الله ويحرم ما أحل الله ، ونوالي من كنا نعاديه بدين وفريضة ، ونعادي من كنا نوإليه بدين الله
____________
(١) الأنعام / ٥٧.
(٢) الأحزاب / ٣٦.
(٣) النساء / ٦٥.