إلاّ بالكرة ، اتقوا الله واجيبوا إمامكم وانصروا دعوته ، وقاتلوا عدوه أنا أسير إليها يا أمير المؤمنين.
فأمر الإمام سعداً ـ مولاه ـ فنادى في الناس : ألا فانتدبوا إلى مصر مع مالك ابن كعب.
ثمّ إنّه خرج وخرج معه عليّ ، فنظر فإذا جميع من خرج نحو ألفي رجل ، فقال : سِر ما أخالك تدرك القوم حتى ينقضي أمرهم.
قال : فخرج بهم فسار خمساً.
ثمّ إنّ الحجاج بن غزية الأنصاري قدم على عليّ من مصر ، وقدم عبد الرحمن بن شبيب الفزاري. فأمّا الفزاري فكان عينه بالشام ، وأمّا الأنصاري فكان مع محمّد بن أبي بكر ، فحدّثه الأنصاري بما رأى وعاين وبهلاك محمّد ، وحدّثه الفزاري أنّه لم يخرج من الشام حتى قدمت البُشراء من قبل عمرو بن العاص تترى ، يتبع بعضها بعضاً بفتح مصر وقتل محمّد بن أبي بكر ، وحتى أذّن بقتله على المنبر ، وقال : يا أمير المؤمنين قلّما رأيت قوماً قط أسرّ ، ولا سروراً قط أظهر من سرور رأيته بالشام حين أتاهم هلاك محمّد بن أبي بكر.
فقال عليّ : حزننا عليه على قدر سرورهم به ، لا بل يزيد أضعافاً (١).
وقد روى الطبري وغيره من المؤرخين كتاب الإمام أمير المؤمنين إلى ابن عباس وهو بالبصرة يخبره بمقتل محمّد بن أبي بكر ويشكو إليه تخاذل أصحابه ، ويبثّه بعض شجونه.
____________
(١) نفس المصدر ٥ / ١٠٨.