فقال ابن عباس لعليّ : أكفيك فارس بزياد ، فأمره عليّ أن يوجّهه إليها ، فقدم ابن عباس البصرة ، ووجّهه إلى فارس في جمع كثير فوطئ بهم أهل فارس فأدوا الخراج » (١) ، وسيأتي شيء من حديثه.
ومن خبر الشعبي هذا عرفنا زمن رجوع ابن عباس إلى البصرة ، وقد بقي بها يدبّر أمرها وأمر كور الأهواز الخمس التابعة لولايته. ولمّا حدثت مفارقة الخريّت كان هو بالبصرة.
ولعل من الغريب أن يصرّ بعض الباحثين على مفارقة ابن عباس عمله بالبصرة مغاضباً لإمامه مستندين إلى ما رأوا من روايات تشير إلى ذلك! وغفلوا عن عدم استقامتها مع ما يرويه التاريخ من أحداث وقعت بالبصرة بعد حرب النهروان كحادثة ابن الحضرمي وقد مرّت ، وكحادثة الخريت بن راشد الناجي وسيأتي ذكرها ، وغيرهما ممّا دل على أنّ ابن عباس كان لا يزال أميراً على البصرة.
ومن أولئك كان طه حسين حيث جعل من حادثة ابن الحضرمي حجة على مفارقة ابن عباس فقال : « وبعض المؤرخين يزعم أنّ هذه الأحداث حدثت حيث كان ابن عباس قد ذهب إلى الكوفة مواسياً لعليّ بعد مقتل محمّد بن أبي بكر ، واحتياز عمرو بن العاص لمصر ، وهذا كلام لا يستقيم. فلو قد كان ابن عباس عند عليّ لعاد إلى البصرة مُسرعاً حين بلغته هذه الأنباء ، ولما أقام عند عليّ ينتظر أن يغني عنه زياد وأعين بن ضبيعة وجارية بن قدامة ... اهـ » (٢).
____________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ١٢٢ ط دار المعارف.
(٢) عليّ وبنوه / ١٦٤.