فقال له عليّ : وهل تدري أين توجه القوم؟ فقال : لا ، ولكني أخرج فأسأل واتّبع الأثر.
فقال له : أخرج رحمك الله حتى تنزل دير أبي موسى ، ثمّ لا تتوجه حتى يأتيك أمري ، فإنهم إن كانوا خرجوا ظاهرين للناس في جماعة ، فإنّ عمّالي ستكتب إليَّ بذلك ، وإن كانوا متفرقين مستخفين فذلك أخفى لهم. وسأكتب إلى عمّالي فيهم. فكتب نسخة واحدة فأخرجها إلى العمّال :
أمّا بعد ، فإنّ رجالاً خرجوا هُرّابا ونظنّهم وجّهوا نحو بلاد البصرة ، فسَل عنهم أهل بلادك واجعل عليهم العيون في كلّ ناحية من أرضك ، واكتب إليّ بما ينتهي إليك عنهم ، والسلام.
فخرج زياد بن خصفة وجمع أصحابه فخرجوا حتى نزل دير أبي موسى فأقام فيه بقية يومه ذلك ينتظر أمر أمير المؤمنين » (١).
وروى أبو مخنف بسنده عن عبد الله بن وال التيمي : « انّ رسول قرظة بن كعب الأنصاري ورد على الإمام بكتاب منه فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم ، أمّا بعد فإنّي أخبر أمير المؤمنين إنّ خيلاً مرّت بنا من قبل الكوفة متوجهة نحو نِفّر (٢) وإنّ رجلاً من دهاقين أسفل الفرات قد صلّى يقال له زاذان فرّوخ أقبل من قبل أخواله بناحية نفرّ فعرضوا له فقالوا أمسلم أنت أم كافر؟ فقال : بل أنا مسلم ، قالوا فما قولك في عليّ؟ قال : أقول فيه خيراً ، أقول : إنّه أمير المؤمنين وسيّد البشر ، فقالوا له : كفرت يا عدوّ الله.
____________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ١١٣ ط دار المعارف.
(٢) نفّر : بلدة أو قرية من نواحي بابل ، وقيل من أعمال البصرة (مراصد الاطلاع).