بلغوا الأهواز ونزلوا جانباً منه ، وتلاحق مع الخريت مَن كان على رأيه من أهل الكوفة نحو من مائتين ، فأتى زياد بن خصفة إلى البصرة ، وكان ابن عباس يومئذ بها ، فأخبره وكتب إلى الإمام بتفصيل ما جرى له ، فندب الإمام ألفين من أهل الكوفة مع معقل بن قيس ، وكتب إلى ابن عباس : (أمّا بعد فابعث رجلاً من قبلك صليباً شجاعاً معروفاً بالصلاح في ألفي رجل فليتبع معقلاً ، فإذا ببلاد البصرة فهو أمير أصحابه حتى يلقى معقلا ، فإذا لقي معقلاً فمعقل أمير الفريقين ، وليسمع من معقل وليُطعه ، ولا يخالفه ، ومر زياد بن خصفة فليُقبل ، فنعم المرء زياد ، ونعم القبيل قبيله والسلام).
فندب ابن عباس الناس مع خالد بن معدان الطائي ـ وكان من ذوي البأس والنجدة والحزم والرأي ـ وأوصاه بطاعة معقل إذا لقيه ، وأنّه الأمير عليه ، وخرج خالد ومعه ألفان من مقاتلة البصرة ، وأرسل ابن عباس بفيج (١) يشتد ليلحق معقل ومعه كتاب فيه :
أمّا بعد فإن أدركك رسولي بالمكان الّذي كنت فيه مقيماً ، أو أدركك وقد شخصت منه فلا تبرح المكان الّذي ينتهي فيه إليك رسولي واثبت فيه حتى يقدم عليك بعثنا الّذي وجّهناه اليك. فإنّي قد بعثت إليك خالد بن معدان الطائي ، وهو من أهل الإصلاح والدين والبأس والنجدة فاسمع منه واعرف ذلك والسلام.
فأدرك الفيج معقلاً وقد سار من الأهواز فلمّا قرأ الكتاب أقام حتى أتاه خالد ومن معه من مقاتلة البصرة ، فسار يتتبع آثار الخريّت فبلغه أنّه وأصحابه
____________
(١) الفيج : هو رسول السلطان يسعى على قدمه (المصباح المنير).