يرتفعون نحو جبال رامهرمز (١) يريدون قلعة حصينة بها ، فخرج معقل في إثرهم ولحقهم وقد دنوا من الجبل ، فأوقع بهم وقعة انجلت عن قتل ثلثمائة من العلوج والاكراد الذين كانوا مع الخريت وجرح سبعين من قومه ومن غيرهم ، وهزيمته ومن بقي معه شر هزيمة حتى لحق بأسياف البحر ، وكان هناك جماعة من قومه ، وكتب معقل إلى الإمام يخبره بكل ما جرى فأتاه الجواب باتباع الخريّت وجماعته واستئصال شأفتهم.
فسار معقل يطلبه وقد بلغه انّه انتهى إلى أسياف البحر ، وقد ردّ قومه عن طاعة الإمام ، وأفسد مَن قِبَله من عبد القيس ومن والاهم من سائر العرب ، وكان قومه قد منعوا الصدقة عام صفين ومنعوها في ذلك العام أيضاً ، فكان عليهم عقالان ، فسار إليهم معقل في ذلك الجيش من أهل الكوفة وأهل البصرة ، فبلغ الخريّت خبره ، فأقبل على من كان معه وهم فرق أشتات في آرائهم ، منهم نصارى ، ومنهم كانوا نصارى وأسلموا ، ومنهم نصارى ارتدوا ، ومنهم خوارج محكمة ، وخوارج غير محكمة ، ومنهم عثمانية ، فأقبل على كلّ فرقة يوعدهم وإن حكم الإمام لضرب العنق ساعة يستمكن منهم ، ولمّا وصل معقل رفع راية أمان وقال من أتاها فهو آمن إلاّ الخريت وأصحابه الذين حاربونا وبدأونا أوّل مرة ، فانحاز إليها كثير ، وتفرق عن الخريت جلّ من كان معه من غير قومه ، ولم يبق معه غير قومه مسلموهم ونصاراهم ومانعة الصدقة منهم. فقاتلهم معقل فقتل الخريّت ومائة وسبعون من أصحابه ، وذهب الباقون يميناً وشمالاً ، فغنم معقل ما كان في رحالهم وسبى أناساً كانوا هناك ، فنظر فيمن كان مسلماً جدّد البيعة عليه
____________
(١) رامهرمز : مدينة مشهورة بنواحي خوزستان (مراصد الاطلاع).