وخلّى سبيله ، ومن كان مرتداً عرض عليه الإسلام فمن أبى منهم قتله ، وأخذ من المسلمين عقالين صدقة عام صفين وذلك العام ، وساق السبي معه راجعاً نحو الكوفة ، فمرّ بمصقلة بن هبيرة الشيباني وكان عامل الإمام على اردشير خرّة (١) فاستغاث السبايا به ، فساوم معقلاً على شرائهم ، فاشتراهم وكانوا خمسمائة إنسان بألف ألف ، ودفعهم معقل إليه وقال له عجّل بالمال إلى أمير المؤمنين ، فقال : أنا باعث الآن بصدر ، ثمّ أبعث بصدر آخر كذلك حتى لا يبقى منه شيء إن شاء الله تعالى.
وعاد معقل بمن معه من أهل الكوفة إليها وأخبر الإمام بفعل مصقلة وأنه خلّى سبيل الأسارى ولم يسألهم أن يعينوه في فكاك أنفسهم بشيء ، فقال الإمام : ما أظن مصقلة إلاّ قد تحمّل حَمالة ، ولا أراكم إلاّ سترونه مبلّداً ـ المبلّد : ضعيف الرأي عاجز الهمّة ـ وكتب إليه يستعجله بإرسال المال ، وإلاّ يقدم عليه بنفسه. وعاد خالد بن معدان بمن معه من أهل البصرة اليها ، وبلغ ابن عباس خبر مصقلة ، ولما كان تابعاً في عمالته إلى ولاية البصرة بقي ينتظر إرسال المال ».
قال الطبري : « وكان عمّال البصرة يحملون ـ المال ـ من كور البصرة إلى ابن عباس ، ويكون ابن عباس هو الّذي يبعث به إلى عليّ.
وأتى مصقلة بنفسه يريد الإمام ، فنزل في طريقه بالبصرة فطالبه ابن عباس بالمال ، فقال له : نعم أنظرني أياماً ، ثمّ أتى الإمام بالكوفة فأقرّه أياماً ثمّ سأله المال
____________
(١) اردشير خرّة : من أجل كور فارس ومنها مدينة شيراز وجور وخبروميمند والخوار وسيراف وكازرونا وغيرها من اعيان مدن فارس وأكثرها ممتد على البحر قصبتها سيراف (مراصد الاطلاع).