وأمّر ابن عباس على البصرة ، وولى زياداً الخراج وبيت المال ، وامر أبن عباس أن يسمع منه ، فكان ابن عباس يقول : استشرته عند هنة كانت من الناس ، فقال : إن كنت تعلم أنك على الحقّ ، وأن من خالفك على الباطل ، أشرت عليك بما ينبغي ، وإن كنت لا تدري ، أشرتُ عليك بما ينبغي كذلك.
فقلت : إني على الحقّ وإنهم على الباطل ، فقال : إضرب بمن أطاعك من عصاك ، ومن ترك أمرك ، فإن كان أعز للإسلام وأصلح له أن يضرب عنقه فاضرب عنقه. فاستكتبه ، فلمّا ولّى رأيت ما صنع ، وعلمت أنّه قد اجتهد لي رأيه » (١).
هذا ما رواه الطبري إلاّ أنّ ابن الأثير وابن كثير ذكرا في تاريخيهما أنّ المستشار في ذلك هو أبو بكرة أخو زياد لأمه.
قال ابن الأثير : « وأتاه عبد الرحمن بن أبي بكرة في المستأمنين أيضاً فبايعه ، فقال عليّ : وما عمل المتربص المتقاعد بي أيضاً ـ يعني أباه أبا بكرة ـ فقال : والله إنّه لمريض ، وانّه على مسرّتك لحريص ، فقال عليّ : امش أمامي فمشى معه إلى أبيه فلمّا دخل عليه عليّ قال له : تقاعدت بي وتربّصت بي ووضع يده على صدره وقال : هذا وجع بيّن ، واعتذر إليه ، فقبل عذره ، وأراده على البصرة فامتنع وقال : رجل من أهلك يسكن إليه الناس وسأشير عليه ، فافترقا على ابن عباس ».
قال أبو بكرة : « قدم علينا ابن عباس البصرة وما في العرب مثله حشماً وعلماً وثياباً وجمالاً وكمالاً » (٢).
____________
(١) تاريخ الطبري ٤ / ٥٤٣ ط دار المعارف.
(٢) الإصابة ترجمة ابن عباس ٢ / ٣٢٢ ط مصطفى محمّد بمصر.