وحلف أنّه لا يحدّث حتى يغني قبله (١) ، وشيخه صالح بن كيسان كان مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز وهو تلميذ الزهري الّذي كان على شرطة بني مروان ، مضافاً إلى ذلك حسبنا ما رواه الشريف الرضي في نهج البلاغة : « قال (عليه السلام) وقد جاءه نعي الأشتر (رحمه الله) : (مالك وما مالك ، والله لو كان جبلاً لكان فندا ، ولو كان حجراً لكان صلداً ، لا يرتقيه الحافر ، ولا يوفى عليه الطاهر). قال الرضي : والفند : المنفرد من الجبال » (٢).
ويبقى علينا أن نذكر تتمة لما سبق أنّ تعيين ابن عباس لولاية البصرة كان بمشورة رجل حيادي من المعتزلين للحرب مع الطرفين ، وذلك هو زياد ابن أبيه فيما رواه الطبري قال : « وكان زياد بن أبي سفيان ممّن اعتزل ولم يشهد المعركة ، قعد ، وكان في بيت نافع بن الحارث ، وجاء عبد الرحمن بن أبي بكرة في المستأمنين مسلّما بعد ما فرغ عليّ من البيعة فقال له عليّ : وعمّك المتربص المقاعد بي! فقال : والله يا أمير المؤمنين ، إنّه لك لوادّ ، وإنه على مسرّتك لحريص ، ولكنه بلغني أنّه يشتكي ، فأعلم لك علمَه ثمّ آتيك. وكتم عليّاً مكانه حتى استأمره ، فأمره أن يعلمه فأعلمه ، فقال عليّ : أمشِ أمامي فاهدني إليه ، ففعل ، فلمّا دخل عليه قال : تقاعدت عنّي وتربّصت ـ ووضع يده على صدره وقال : هذا وجع بيّن ـ فاعتذر إليه زياد ، فقبل عذره واستشاره ، وأراده عليّ على البصرة ، فقال رجل من أهل بيتك يسكن إليه الناس ، فانّه أجدر أن يطمئنوا أو ينقادوا ، وسأكفكيه وأشير عليه ، فافترقا على ابن عباس ، ورجع عليّ إلى منزله.
____________
(١) سير أعلام النبلاء للذهبي ٧ / ٥٥٢ ط دار الفكر.
(٢) نهج البلاغة الحكمة / ٤٤٣.