وهذا الّذي ذكره الطبري مضافاً إلى جهالة (شيوخ) في اسناده (١) ، فهو لا يلائم ما ذكره ابن أبي الحديد ، كما لا يتفق وما رواه ابن سعد. ففي رواية ابن أبي الحديد : « أحضره الإمام ولاطفه ... الخ » ، وفي رواية ابن سعد : « ليس من ذلك شيء ، بل أنّ الأشتر كان خرج على مقدمة الإمام وبأمر منه فبلغه خبر تولية ابن عباس فقال ما قال » ، وفي رواية الطبري : « كان الأشتر بعد حاضراً في البصرة فلمّا بلغه خبر التولية خرج مغاضباً فأدركه الإمام ... ».
وهكذا نجد خبر المغاضبة مهلهلاً سنداً ومتناً ، ولعل من أفظع ما قرأت عن الأشتر ما رواه عمر بن شبة في كتابه تاريخ المدينة قال : « حدّثنا معمر بن بكار ابن معمر قال حدّثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان قال : جاءت امرأة الأشتر إلى عليّ (رضي الله عنه) فقالت : يا أمير المؤمنين سمعت من عدو الله مقالة ما وسعني القيام معه عليها.
قال : وماذا سمعتِ؟ قالت سمعته يقول : قتلنا بالأمس خير خلق الله واستعملنا شر خلق الله ، يعنيك يا أمير المؤمنين. قال : فلم يزل في نفسي عليه حتى هاج هيج مصر ، فقال عليّ (رضي الله عنه) : من لها؟ واستشار ابن عباس (رضي الله عنه) فقال : الأشتر ، وكيف به مع ما قد كان.
قال احمل العبد على الفرس ، فإن هلك هلك ، وإن ملك ملك.
قال : فبعثه على ذلك ، فلمّا أتاه مصابه قال : بالانف لا بالفم » (٢).
فهذا الخبر مضافاً إلى وجود مجهول مثل معمر بن بكار ، ومطعون فيه كإبراهيم بن سعد الّذي كان مغنّياً ومولَعاً به فليم في ذلك فانزعج على المحدثين
____________
(١) نفس المصدر / ١٩٢ في أوّل الخبر.
(٢) تاريخ المدينة ٢ / ١٢٣٦ تح ـ فهيم محمّد شلتوت ط قم.