وذكر ذلك السيّد ابن طاووس نقلاً عن النقاش في المجلد الأوّل من تفسيره ، فقد رواه بإسناده عن الكلبي قال : « وذهب بصر ابن عباس من كثرة بكائه على عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) » (١).
ورواه النبهاني في الشرف المؤبد ونسبه إلى القيل (٢) ، وذكره البياضي في الصراط المستقيم (٣) ، وقال المسعودي : « وكان ـ ابن عباس ـ قد ذهب بصره لبكائه على عليّ والحسن والحسين » (٤).
ويبدو أنّ بداية ضعف بصره وتقرّح جفونه كانت بعد مقتل الإمام (عليه السلام) ثمّ تزايد ذلك بمرور الزمان ، وكثرة ما أصابه من نوازل الحدثان فيفزع إلى البكاء ، وكاد أن يكفّ بصره تماماً قبل مقتل الحسين (عليه السلام) ، لكنه بعد مقتله وتزايد الحزن عليه فلم ترقأ له دمعة فَكُفّ بصره تماماً ، حتى كان أبو رجاء العطاردي يقول : « رأيت ابن عباس وأسفل من عينيه مثل الشراك البالي من البكاء » (٥) ، وقد حدّد عليّ بن أبي طلحة زمن العمى بقوله : « وكان أحسن عيناً قبل أن يكفّ بصره ، وكفّ قبل موته بست سنين أو نحوها » (٦) ، وهذا التحديد يتسق تقريباً مع ما مرّ عن المسعودي وقول السبط في تذكرته : « ولمّا قتل الحسين لم يزل ابن عباس
____________
(١) سعد السعود / ٢٨٥.
(٢) الشرف المؤبد / ٦٤ ط بيروت سنة ١٣٠٩ هـ.
(٣) الصراط المستقيم ١ / ١٤٤.
(٤) مروج الذهب ٣ / ١٠٨ تح ـ عبد الحميد ، وحكاه أيضاً السيّد المدني في الدرجات الرفيعة / ١٣٩ ط الحيدرية.
(٥) سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٥٢ ط دار الفكر.
(٦) أنساب الأشراف ـ ترجمة ابن عباس ـ برقم ١٢٤مخطوطة بقلمي.