وعلم عليّ من النبيّ ، وعلمي من علم عليّ ، وعلم أصحاب محمّد كلّهم في علم عليّ كالقطرة الواحدة في سبعة أبحر » (١).
لذلك فأنا لا أكاد أصدّق الرواة الذين رووا لنا : « انّ ابن عباس أتي إليه بكتاب فيه قضاء عليّ (عليه السلام) فمحاه إلاّ قدر ذراع » (٢).
كيف وهو الّذي كان مجداً في اتباع سنّة الإمام وهديه حتى في أحرج الأوقات الّتي مرّت به في عهد معاوية.
فقد روى النسائي في سننه ، والبيهقي في سننه الكبرى عن سعيد بن جبير قال : « كان ابن عباس بعرفة فقال : يا سعيد ما لي لا أسمع الناس يلبّون؟ فقلت : يخافون معاوية ، فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال : لبّيك اللّهمّ لبّيك وان رغم أنف معاوية ، اللّهمّ العنهم فقد تركوا السنّة من بغض عليّ » (٣).
وقال السندي في تعليقه على سنن النسائي : « من بغض عليّ » أي لأجل بغضه ، أي وهو كان يتقيّد بالسنن فهؤلاء تركوها بغضاً له.
وسيأتي مزيد بيان وايضاح في آرائه الفقهية.
وقد مرّ بنا في حياته بالبصرة في توجيهه العلمي والديني ما يصلح أن يكون شاهداً على مدى التوافق بين ابن عباس وإمامه فتياً وعملاً ، وحسبك مراجعة مسألة تعريفه بالبصرة وقد مرّ بحثها مفصّلاً فراجع.
ومسألة بعث الهدي من مكانه ويبقى محرماً حتى يذبح.
____________
(١) أمالي الطوسي / ٧ ط حجرية ١ / ١١ مط النعمان ، وعنه في بحار الأنوار ٨ / ٤٦٥ ط حجرية.
(٢) مقدمة صحيح مسلم ١ / ١١.
(٣) سنن النسائي ـ المجتبى ـ ٥ / ٢٥٣ ، والسنن الكبرى ٥ / ١١٣.