النظم الإسلامية ، فقد قالا : « أراد عليّ أن يحكم وفق التقاليد الّتي سادت زمن النبيّ وأبي بكر وعمر ، مع أنّ الأحوال كانت تستلزم شيئاً من السياسة والدهاء ، فقد بادر بعزل ولاة عثمان ولم يصغ لنصيحة بعض الصحابة له بابقائهم حتى تهدأ الحالة وتستقر الأمور ممّا حدا بالاستاذ نيكلسون إلى القول بأنّه كان ينقصه حزم الحاكم ودهاؤه وتعوزه الحنكة السياسية » (١).
وهذا منهما يقضي العجب! كيف كتبا ذلك؟
ومهما أغضينا عن الكاتب المسيحي نيكلسون لأنّه على أسوأ الظنون يريد الوقيعة بالإسلام ورجالاته ، وعلى أحسن الظنون فهو بعيد عن الإسلام ولا يعرف أحكام الإسلام ، وما الّذي توجبه على خليفة المسلمين من إقامة صرح حكمه على الحقّ والعدل لا على المخادعة والمواربة ، فإنّا لا نعذر الأخوين المسلمين ، فلديهما من عدة الثقافة ما أتاح لهما التأليف في النظم الإسلامية ، ولا شك أنهما اطّلعا على كثير من المصادر الّتي أوضحت السبب في انتهاج الإمام لتلك السياسة ، وأخص بالذكر الدكتور حسن إبراهيم حسن فقد ذكر في مصادر كتابه تاريخ الإسلام السياسي ... كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، وفي هذا الكتاب ما يدفع زلة الأقلام ويبين عذر الإمام ، وإلى القارئ نبذة منه ممّا قال : « وأمّا قول ابن عباس له (عليه السلام) : ولّه شهراً واعزله دهراً ، وما أشار به المغيرة بن شعبة فإنّهما قالا ما توهّماه ، وما غلب على ظنونهما وخطر بقلوبهما. وعليّ (عليه السلام) كان أعلم بحاله مع معاوية وأنها لا تقبل العلاج والتدبير ، وكيف يخطر ببال عارف
____________
(١) النظم الإسلامية / ٢٣ ط الثانية.