يشترك في الأحداث السابقة ، او اشترك فيها بنصيب ضئيل ، ولكن يجب ألاّ ننسى أنّ أيّة محاولة لتولية شخص غير عليّ حينذاك كان لابدّ من فشلها ، فتولية عليّ كانت قد أصبحت أمراً طبيعياً كما سبق القول.
والخلاصة أنّ تولية عليّ كانت طبيعية ، وأنّ سلوكه كان طبيعياً ، وأنّ التمرّد الّذي واجهه عليّ كان طبيعياً أيضاً وكان نتيجة لسير الأحداث وكان صراعاً على السلطة وإن اتُخذ من أسبابه قتل عثمان ، أو المطالبة بثاره ، أو عزل الولاة ، او استرداد ما سُلب من بيت المال.
ويقول محمّد بن سيرين : ما علمتُ أنّ عليّاً أتّهم في دم عثمان حتى بويع ، فلمّا بويع اتهمه الناس (١) » (٢).
وأخيراً لقد تبيّن للقارئ مدى الجناية الّتي لحقت بالإمام نتيجة سياسته الحكيمة ، فظن من لا حريجة له في الدين أنّ الخلاف الّذي نشب في أيام خلافته ، لأنّه لم يأخذ بنصائح المغيرة وابن عباس ، وقد بيّنا ما يتعلق بابن عباس وشككنا في صدق الرواة فيما هو الثابت الصحيح عنه.
وأمّا المغيرة كيف يتوقع من الإمام أن يقبل بمشورته ، وهو الّذي كان يعرفه بدءاً وختاماً ، كفراً وإسلاماً ، حرباً وسلاماً؟!
هلم فلنقرأ ما رواه إبراهيم بن محمّد الثقفي في كتابه الغارات عن أبي صادق عن جندب بن عبد الله قال : « ذكر المغيرة بن شعبة عند عليّ (عليه السلام) وجَدّه مع معاوية. قال : وما المغيرة؟ إنّما كان إسلامه لفجرة وغدرة غدرها بنفر من
____________
(١) العقد الفريد لابن عبد ربه ٤ / ٣٠٥.
(٢) التاريخ الإسلامي ١ / ٣٣٥ ـ ٣٣٧ ط الخامسة / ١٩٧٠.