قومه ، فتك بهم وركبها منهم ، فهرب منهم فأتى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كالعائذ بالإسلام ، والله ما رأى أحد عليه منذ ادعى الإسلام خضوعاً وخشوعاً.
ألا وانّه كان من ثقيف فراعنة قبل يوم القيامة يجانبون الحقّ ويسعرون نيران الحرب ويوازرون الظالمين ، ألا إنّ ثقيفاً قَومٌ غُدر لا يوفون بعهد ، يبغضون العرب كأنّهم ليسوا منهم ، ولربّ صالح قد كان فيهم ، فمنهم عروة بن مسعود وأبو عبيد بن مسعود المستشهد يوم قسّ الناطف ، وإنّ الصالح في ثقيف لغريب » (١).
ولا تزال تعيش الفكرة الخاطئة في كثير من الأدمغة الّتي ترى الميكافلية السبيل الأقوى إلى بلوغ الغاية ، ولا تنظر إلى السبيل الأقوم ، حتى كانوا يرون في بلوغ معاوية إلى سدة الحكم حجة لهم. وانّه كان داهية ولم يكن الإمام كذلك ، وقد فاتهم قد يرى الحوّل القلّب وجه الحيلة ولكن دونها حاجز من تقوى الله. وللردّ على هؤلاء فلنقرأ أوّلاً : ما قاله أمير المؤمنين (عليه السلام) : « والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدُر ويفجُر ، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى العرب ، ولكن كلّ
____________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ١ / ٣٦٣ ـ ٣٦٤ ط مصر الأولى ، وكتاب الغارات / ٥١٦ تحقيق السيّد جلال الدين الحسيني ، وغدرة المغيرة وفجرته ، ذكرها من المؤرخين ابن هشام في سيرته عند صلح الحديبية ٢ / ٣١٣ ط مصر سنة ١٣٧٥ ، وذكرها ابن جرير الطبري في تاريخه في حوادث السنة السادسة ١ / ١٥٣٧ ط أوربا. والواقدي في المغازي تحت عنوان : غزوة الحديبية ٢ / ٥٩٥ وهو أوسع من ذكر ذلك. وابن الأثير ٢ / ٧٦ وغيرهم وملخصها بلفظ ابن هشام : فقال عروة : من هذا يا محمّد؟ قال : هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة قال : أي غَدر وهل غسلت سوأتك إلاّ بالأمس؟ قال ابن هشام : أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة بن شعبة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلاً من بني مالك من ثقيف ، فتهايج الحيّان من ثقيف بنو مالك رهط المقتولين ، والأحلاف رهط المغيرة فودى عروة المقتولين ثلاث عشرة دية وأصلح ذلك الأمر.