وقال : إنّ المقدرة السياسية لا تقاس بمقدار النجاح بل بمقدار ما تكون مقدماتها التعليلية صحيحة ، لأنّ الفشل كثيراً ما يكون نتيجة مفاجأة لم تكن في الحسبان كما وقع لعليّ (عليه السلام) بالفعل في حركة الخوارج ، ولولاها لكان نجاحها مضموناً أو محتوماً ... » (١).
ومنهم الدكتور طه حسين ، يقول في كتابه علي وبنوه في حديثه عن فرار مصقلة بن هبيرة إلى معاوية : « يظهر الفرق واضحاً بين مذهب عليّ في السياسة الّتي تخلص للدين ، ومذهب معاوية في السياسة الّتي تخلص للدنيا » (٢).
وقال : « وهذه السيرة الّتي سارها عليّ في عمّاله هي نفس السيرة الّتي سارها في الناس ، فلم يكن يُطمع الناس في نفسه ، ولم يكن يوئيسهم منها ، وإنّما كان يدنو منهم أشد الدنوّ ما استقاموا على الطريق وأدّوا الحقّ ، فإن انحرفوا عن الجادة أو التووا ببعض ما يجب عليهم بَعُد عنهم أشدّ البعد ، وأجرى فيهم حكم الله غير مصطنع هوادة أو رفقاً » (٣).
وقال أيضاً : « فقل إذاَ في غير تردّد : انّ أوّل الظروف الّتي كانت تقتضي أن يخفق عليّ في سياسته هو ضعف سلطان الدين على نفوس المحدثين من المسلمين ، وتغلّب سلطان الدنيا على هذه النفوس » (٤).
وقال : « كان عليّ يدبّر خلافة ، وكان معاوية يدبّر ملكاً وكان عصر الخلافة قد انقضى وكان عصر الملك قد أظلّ » (٥).
____________
(١) سمو المعنى في سمو الذات / ٤٩ مط عيسى البابي الحلبي وشركاه بمصر سنة ١٣٥٨.
(٢) عليّ وبنوه / ١٢٨ ط دار المعارف.
(٣) نفس المصدر / ١٦٦.
(٤) المصدر السابق / ١٧٧.
(٥) نفس المصدر / ١٨١.