ومنهم الاستاذ عباس محمود العقاد ، يقول في كتابه عبقرية الإمام : « فالسياسة الّتي اتبعها الإمام هي السياسة الّتي كانت مقيّضة له مفتوحة بين يديه ، وهي السياسة الّتي لم يكن له محيد عنها ، ولم يكن له أمل في النجاح إن حاد عنها إلى غيرها ...
ومهما يكن من حكم الناقدين في سياسة الإمام فمن الجَور الشديد أن يُطالب بدفع شيء لا سبيل إلى دفعه ، وأن يحاسب على مصير الخلافة وهي منتهية لا محالة إلى ما انتهت إليه ...
ومن الجور الشديد أن يلقى عليه اللوم لأنّه باء بشهادة الخلافة ولابدّ لها من شهيد.
وقد تجمعت له أعباء النقائض والمفارقات الّتي نشأت من قبله ، ولم يكد يسلم منها خليفة من الخلفاء بعد النبيّ صلوات الله عليه ...
وقد نُقدت سياسة عليّ لفوات الخلافة منه قبل البيعة ، كما نُقدت سياسته لفوات الخلافة منه بعد البيعة ، واحصى عليه بعض المؤرخين أنّه تأخر نيّفاً وعشرين سنة فلم يخلف النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولم يخلف أبا بكر ، ولم يخلف عمر ... كأنّه كان مستطيعاً أن يخلف أحداً منهم بعمل من جهده وسعي من تدبيره ، فأعياه السعي والتدبير ... » (١).
ثمّ ساق العقاد ما براه بمنظوره الخاص من أسباب العوائق الّتي حالت بين الإمام وبين الخلافة قبل وصولها إليه ، فذكر جملة منها ما صح وفيها ما لا يصح ، غير انّه ختم كلامه فقال : « وكلّ سياسة له لم تكن لتحيد به عن الخاتمة
____________
(١) عبقرية الإمام / ٧٧٣ العبقريات الإسلامية.