المحتومة أقل محيد. وكلّ ما كان من تدبير الحوادث أو من تدبيره فهو على هذا الملتقى الّذي يتلاحق عنده الاسراع والإبطاء ـ إلى أن قال ـ : وتقضي بنا هذه التقديرات جميعاً إلى نتيجة واضحة نلخصها في كلمات وجيزة ونعتقد أنها أعدل الأقوال في وصف تلك السياسة الّتي كثرت مطارح النقد والدفاع.
فسياسة عليّ لم تورّطه في غلطات كان يسهل عليه اجتنابها باتباع سياسة أخرى. وهي كذلك لم تبلغه مآرب مستعصية ، كان يعز عليه بلوغها في موضعه الّذي وضع فيه وعلى مجراه الّذي جرى عليه.
فليست هي علة فشل منتزع ، ولا علة نجاح منتزع ، أو هي لا تستدعي الفشل من حيث لم يخلق ، ولا تستدعي النجاح من حيث لم يسلس له قياد ...
ورأينا في سياسته فهماً وعلماً ، ولكننا لم نر فيها الحيلة العملية الّتي هي إلى الغريزة أقرب منها إلى الذكاء ...
فكان نعم الخليفة ، لو صادف أوان الخلافة ...
وكان نعم الملك لو جاء بعد توطيد المُلك واستغنائه عن المساومة والإسفاف. ولكنه لم يأت في أوان الخلافة ولا في أوان مُلك مُوطّد ، فحمل أعباء النقيضين وأخفق حيث ينبغي أن يخفق أو حيث يعييه أن ينجح ، وتلك آية الشهيد » (١).
وقال العقاد أيضاً : « ثمّ يفترق الناس في رأيه إلى رأيين وإن لم يكونوا من الشانئين المتحزبّين ، فيقول أناس إنّه كان على قسط وافر من الفهم والمشورة ، ولكنه عند العمل لا يرى ما تقضي به الساعة الحازبة ، ولا ينتفع بما يراه ، ويقول أناس : بل
____________
(١) نفس المصدر / ٧٧٣.