المؤمنين (عليه السلام) في مسجده ، وهو خارج لتهجّده في ليلة يرجى فيها مصادفة ليلة القدر فقتله ، فيا لله من قتيل ، واكرم به وبروحه من روح عرجت إلى الله بالبر والتقوى والإيمان والهدى والإحسان ، ولقد انطفأ به نوراً لله في أرضه ، لا يرضى (كذا) بعده ، وهدم ركناً من أركان الإسلام لا يشاد مثله ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، وعند الله نحتسب مصيبتنا بأمير المؤمنين (عليه السلام) ، ورحمه الله يوم ولد ويوم قتل ويوم يبعث حيّا ـ ثمّ بكى حتى اختلجت أضلاعه. ثمّ قال : ـ وقد أوصى بالإمامة إلى ابن رسول الله وابنه وسليله ، وشبيهه في خُلقه وهديه ، وإنّي لأرجو أن يجبر الله به ما وهى ، ويسدّ به ما انثلم ، ويجمع الشمل ، ويطفي به نيران الفتنة ، فبايعوه ترشدوا.
فبايعت الشيعة كلّها ، وهرب قوم فلحقوا بمعاوية » (١).
وأخذ ابن عباس يواصل جهوده في استتاب الأمر والأمن في عهد الخلافة الجديدة ، وقد أشار عليه زياد برأي فيه حيفٌ على الناس فلم يقبله ابن عباس. ونحن قد مرّ بنا أنّ زياداً كان عامله على فارس أرسله بأمر الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) حين اضطرب أمر فارس فولاه عليها فضبطها غير أنّه يبدو ممّا رواه الحافظ نعيم بن حمّاد في كتاب الفتن (٢) أنّه قد أتى البصرة فاجتمع بابن عباس ـ ولعله أتاه معزياً بالإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وجرى حديث خلافة الإمام الحسن (عليه السلام) فقال له : أتريد أن يستقيم لكم الأمر؟ قال ـ ابن عباس ـ : نعم ، قال : فاقتل فلاناً وفلاناً ثلاثة من أصحابه ، فقال له ابن عباس : أصلّوا الغداة اليوم؟ قال : نعم ، قال : فلا سبيل إليهم أراهم في ذمة الله ـ وفي رواية : (فلا والله ما إلى ذلك
____________
(١) تيسير المطالب / ١٩٦ ط بيروت سنة ١٣٩٥.
(٢) كتاب الفتن / ٩٤ و ٩٨ تح ـ سهيل زكار ط بيروت. و ١٣٩ برقم ٤٤٣ تح ـ عرفة ط المكتبة الحيدرية قم و ١٤٦ أيضاًً.