وأقدم من وقفت على رواته من المؤرخين هو شيخهم أبو مخنف المتوفى سنة ١٥٧ هـ ، وعوانة بن الحكم ١٥٨ هـ (١) ، كما أشار إلى ذلك البلاذري ٢٧٩ هـ فقال : « ثمّ مكث ـ الحسن (عليه السلام) ـ أياماً ذات عدد يقال : خمسين ليلة ويقال : أكثر منها ـ وهو لا يذكر حرباً ولا مسيراً إلى الشام. وكتب إليه عبد الله بن عباس كتاباً يعلمه فيه أنّ عليّاً لم يجب إلى الحكومة إلاّ وهو يرى في أنّه إذا حكم بالكتاب يردّ الأمر إليه ، فلمّا مال القوم إلى الهوى فحكموا به ونبذوا حكم الكتاب ، رجع إلى أمره الأوّل ، فشمّر للحرب ودعا إليها أهل طاعته ، فكان رأيه الّذي فارق الدنيا عليه جهاد هؤلاء القوم ، ويشير عليه أن ينهد إليهم وينصب لهم ولا يعجز ولا يهن » (٢). هذه إشارة البلاذري.
ولكنه في ترجمة ابن عباس ذكره مختصراً بسنده عن عوانة قال : « كتب ابن عباس إلى الحسن بن عليّ : إن المسلمين قد ولّوك أمورهم بعد عليّ ، فشمّر لحربك ، وجاهد عدوك ، ودار أصحابك ، واشتر من الظنين دينه ولا تسلم دينك ، ووال أهل البيوتات والشرف تستصلح عشائرهم ، واعلم أنّك تحارب من حادّ الله ورسوله ، فلا تخرجن من حقّ أنت أولى به ، وإن حال الموت دون ما تحبّ » (٣). وبنحو هذا رواه ابن قتيبة ٢٧٦ (٤) ، وبأخصر من ذلك رواه ابن عبد ربه (٥) ، ولم أعرف مغزى اختصارهم جميعاً وإعراضهم عن ذكر جميعه.
____________
(١) نكت الهميان للصفدي / ٢٢٢.
(٢) أنساب الأشراف (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام) رقم / ٤٣.
(٣) أنساب الأشراف (ترجمة ابن عباس) رقم / ١٠٧.
(٤) عيون الأخبار ١ / ١٤ ط دار الكتب.
(٥) العقد الفريد ١ / ٣٠ و ٤ / ٣٦١ تح ـ أحمد أمين ورفيقيه.