لعبد الله الحسن أمير المؤمنين من عبد الله بن عباس ، أمّا بعد يا بن رسول الله فإنّ المسلمين ولّوك أمرهم بعد أبيك (رضي الله عنه) (عليّ (عليه السلام » وقد أنكروا أمر قعودك عن معاوية ، وطلبك لحقك ، فشمّر للحرب ، وجاهد عدوّك ، ودار (وقارب) أصحابك ، (واشتر من الظنين دينه بما لا يثلم لك ديناً) وولّ (ووال) أهل البيوتات والشرف ما تريد من الأعمال ، فإنك تشتري بذلك قلوبهم (وتستصلح به عشائرهم ، حتى يكون الناس جماعة ، فإنّ بعض ما يكره الناس ـ ما لم يتعدّ الحقّ وكانت عواقبه تؤدي إلى ظهور العدل وعز الدين ـ خير من كثير ممّا يحبّه الناس ، إذا كانت عواقبه تدعو إلى ظهور الجور وذلّ المؤمنين ، وعز الفاجرين) واقتد بما جاء عن أئمّة العدل من تأليف القلوب والاصلاح بين الناس (فقد جاء عنهم أنّه لا يصلح الكذب إلاّ في حرب أو إصلاح بين الناس) واعلم بأنّ الحرب خدعة ، ولك في ذلك سعة (إذا) ما كنت محارباً ما لم تبطل حقاً) ما لم ينتقص مسلماً حقاً هو له.
(واعلم) وقد علمت أن اباك عليّاً إنما رغب الناس عنه (وصاروا) إلى معاوية ، لأنّه واسى بينهم في الفيء ، وسوّى بينهم في العطاء ، فثقل ذلك عليهم.
واعلم أنك تحاربُ من قد حارب الله ورسوله (في ابتداء الإسلام) حتى أظهره الله أمره ، فلمّا أسلموا ووحدّوا الربّ ، ومحق الله الشرك ، وأعزّ الدين ، وأظهروا الإيمان ، وقرؤا القرآن وهم بآياته مستهزؤن ، وقاموا إلى الصلاة وهم كسالى ، وأدّوا الفرائض وهم لها كارهون ، فلمّا رأوا أنّه لا يعزّ في هذا الدين إلاّ الأتقياء الأبرار ، والعلماء الأخيار ، توسّموا أنفسهم بسيماء الصالحين ، ليظن بهم المسلمون خيراً ، وهم عن آيات الله معرضون) فما زالوا بذلك حتى شركوهم في