الصلح تبدّل الحال وخان معاوية جميع ما أعطى من عهود وذمم ، وليس بمستغرب ذلك من ابن آكلة الأكباد ، فقد روى ابن عساكر الشافعي (١) والخوارزمي الحنفي (٢) : أنّ معاوية دسّ إلى أهل البصرة فطردوا وكيل الحسن وقالوا له : لا تحمل فيئنا إلى غيرنا ، يعنون خراج (فسا ودار ابجرد).
وأكّد ذلك ابن الأثير فقال : « وأمّا خراج دار ابجرد فإنّ أهل البصرة منعوه منه وقالوا : هو فيئنا لا نعطيه أحداً ، وكان منعهم بأمر معاوية أيضاً » (٣).
ولم يبعد ابن خلدون في تاريخه عن ذلك (٤) ، إلاّ أنّه تستر على معاوية فلم يذكر أنّ المنع بأمره.
ولا بدّ لنا من وقفة عابرة عند كلمة (فطردوا)! فهل صحيح حصل طردٌ من أهل البصرة لوكيل الحسن (عليه السلام)؟
ولا شك أنّه لم يكن له وكيل في البصرة سوى عامله عليها وهو عبد الله بن عباس.
كما لا شك بأنّه هو الّذي حمل معه المال.
ولا شك أنّه حصلت مناوشات في شأن ذلك ـ كما سيأتي ـ فهل تعني كلمة (فطردوا) يعني فطاردوا؟ إذ أنّ المعنى اللغوي لكلمة (الطرد) هو الإبعاد ، وهذا لم يحصل ، والّذي حصل هو المطاردة ، وهي حمل الأقران بعضهم على بعض (٥) ،
____________
(١) تهذيب تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر بتهذيب ابن بدران ٤ / ٢٢١ ط بيروت.
(٢) مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي ١ / ١٣٣ ط الحيدرية النجف.
(٣) الكامل ٣ / ١٧٥ ط بولاق.
(٤) تاريخ ابن خلدون / ١١٣٧ ط دار الكتاب اللبناني.
(٥) راجع القاموس المحيط : طرد.