فقال صبرة بن شيمان بن عكيف ـ كذا ـ وهو رأس الأزد : يا قوم إن قيساً إخواننا وجيراننا في الدار ، وأعواننا على العدو ، ولو ردّ عليكم هذا المال كان نصيبكم منه الأقل ، فانصرفوا.
وقالت بكر بن وائل : الرأي والله ما قال صبرة بن شيمان ، واعتزلوا أيضاً.
فقالت بنو تميم : والله لنقاتلنهم عليه ، فقال لهم الأحنف : أنتم والله أحق ألاّ تقاتلونهم وقد ترك قتالهم مَن هو أبعد منكم رحماً ، فقالوا : والله لنقاتلنهم عليه.
فقال الأحنف : والله لا أساعدكم وانصرف عنهم ، فرأسوا عليهم رجلاً يقال له ابن الجذعة وهو من بني تميم ، وبعضهم يقول : ابن المخدعة.
فحمل عليهم الضحاك بن عبد الله الهلالي فطعن ابن الجذعة فصرعه ، وحمل سلمة بن ذويب على الضحاك فطعنه ، فاعتنقه عبد الله بن رزين الهلالي فسقطا إلى الأرض يعتركان ، وكان ابن رزين شجاعاً ، وكثرت الجرحى بينهم ، ولم يقتل من الفريقين أحد.
فقال من اعتزل من الأخماس : والله ما صنعتم شيئاً حيث اعتزلتم وتركتموهم يتناحرون. فجاؤا حتى صرفوا وجوه بعضهم عن بعض ، وحجزوا بينهم ، وقالوا لبني تميم : والله لنحن أسخى أنفساً منكم ، تركنا لبني عمكم شيئاً أنتم تقاتلونهم عليه ، فخلّوا عن القوم وعن ابن اختهم ، ففعلوا ذلك ...
ومضى عبد الله بن عباس ومعه من وجوههم نحو من عشرين سوى مواليهم ومواليه ، ولم يفارقه الضحاك بن عبد الله ، وعبد الله بن رزين ، حتى وافى مكة ...
وكان ابن عباس يعطي في طريقه مَن سأله ومن لم يسأله من الضعفاء ، حتى قدم مكة.