وفي رواية الجاحظ في البيان والتبيين : « وقال الحسن : كان عبد الله بن عباس أوّل من عرّف بالبصرة ، صعد المنبر فقرأ البقرة وآل عمران ففسّرهما حرفاً حرفاً ، وكان والله مثجّاً يسيل غَرباً » (١). والخبر في لسان العرب (ثجج ، غِرب).
ومن الغريب تفسير عبد السلام محمّد هارون لكلمة (أوّل من عرّفَ بالبصرة) فقال : « كذا ضبطت هذه الكلمة في ل ، ب. والتعريف هنا بمعنى التعليم » (٢) ، ولم يتنبّه إلى معنى التعريف في الخبر وأنّ المراد به جمع الناس في يوم عرفة كما مرّ في تفسير الحسن البصري حسب رواية طبقات ابن سعد.
٦ ـ وفي مسألة إحرام من أرسل الهدي إلى الحرم وواعد بتقليد الهدي.
فقد روى مالك في الموطأ بسنده عن ربيعة بن عبد الله بن الهُدير : « أنّه رأى رجلاً متجرّداً بالعراق فسأل الناس عنه فقالوا : انّه أمر بهديه أن يُقلّد فلذلك تجرّد ، قال ربيعة : فلقيت عبد الله بن الزبير فذكرت له ذلك فقال : بدعة وربّ الكعبة » (٣).
وهذا الخبر بما أحاطه من الضبابية على جهالة اسم المتجرّد ولعل مالكاً لم يذكره رعاية للعباسيين الذين أحاطوه بإفضالهم فكتب لهم الموطأ ، لكن الراوي نمّ على أن ذلك الشخص المتجرّد ممّن له شأن يذكر فسأل عنه ، وفي جواب ابن الزبير أيضاً ما يدلّ على التعريض به. وإذا بحثنا لمعرفة تلك الشخصية الّتي لفّها
____________
(١) البيان والتبيين ١ / ٣٣١ تح ـ هارون.
(٢) هامش المصدر السابق.
(٣) الموطأ ١ / ٢٤٩.