فكتب عليّ إلى جرير : أمّا بعد فإنّما أراد معاوية ألاّ يكون لي في عنقه بيعة ، وأن يختار من أمره ما أحب وأراد أن يريّثك حتى يذوق أهل الشام ، وان المغيرة بن شعبة قد كان أشار عليّ أن استعمل معاوية على الشام وأنا بالمدينة ، فأبيت ذلك عليه ، ولم يكن الله ليراني اتخذ المضلين عضدا ، فإن بايعك الرجل ، وإلاّ فأقبل.
وقال : وفشا كتاب معاوية في العرب فبعث إليه الوليد بن عقبة ـ وهذا كان في المدينة ـ وذكر مقطوعتين من الشعر يحرّضه على الحرب » (١).
وقال أيضاً : « فخرج جرير يتجسس الأخبار فإذا هو بغلام يتغنى على قعود له ـ ثمّ ذكر شعره يسمّي قاتلي عثمان والمحرّضين عليه ، وقال في الإمام :
فأمّا عليّ فاستغاث ببيته |
|
فلا آمر فيها ولم يك ناهيا |
... إلى آخر أبياته.
فسأله جرير من أنت؟ قال من قريش واصلي من ثقيف ، أنا ابن المغيرة بن الأخنس بن شريق قتل أبي مع عثمان يوم الدار ، فعجب جرير من قوله وكتب بشعره إلى عليّ. فقال عليّ : والله ما اخطأ الغلام شيئاً » (٢).
وقال أيضاً : « أبطأ جرير عند معاوية حتى أتّهمه الناس. وقال عليّ : وقّتُ لرسولي وقتاً لا يقيم بعده إلاّ مخدوعاً أو عاصياً ، وأبطأ على عليّ حتى أيس منه » (٣).
____________
(١) نفس المصدر / ٥٨.
(٢) نفس المصدر / ٦٠.
(٣) نفس المصدر / ٦١ ، وفي شرح النهج لابن أبي الحديد ١ / ٢١٩ كلام له (عليه السلام) في ذلك.