وقال أيضاً : « وخرج عليّ إلى دار جرير فشعث منها وحرّق مجلسه ، وخرج أبو زرعة بن عمر بن جرير فقال : أصلحك الله إن فيها أرضاً لغير جرير ، فخرج عليّ منها إلى دار ثوير بن عامر فحرّقها وهدم منها. وكان لحق بجرير » (١).
وفي رواية ابن سعد في طبقاته في ترجمة جرير بسنده عنه قال : « بعث إليَّ عليّ ابن عباس والأشعث بن قيس قال : فأتياني وأنا بقرقيسيا فقالا : انّ أمير المؤمنين (عليه السلام) يقرئك السلام يخبرك أنّه نعم ما آراك الله من مفارقتك معاوية ، وإنّي أنزلك منزلة نبيّ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي أنزلكها ، فقال لهما جرير : إنّ نبيّ الله صلّى الله عليه وآله بعثني إلى اليمن أُقاتلهم وأدعوهم إلى الإسلام ، فإذا قالوا لا إله إلاّ الله حرمت أموالهم ودماؤهم ، ولا أُقاتل رجلاً يقول لا إله إلاّ الله أبداَ فرجعا على ذلك » (٢).
فهذا الخبر يضيف أبعاداً زمانية أُخرى مضافاً إلى ما تقدم.
ولنقف هنا وقفة تأمل وحساب لأبعاد الزمان والمكان لجميع ما مرّ بنا منذ كتاب الإمام إلى جرير وهو بهمدان وحتى نهاية مفارقة جرير الكوفة إلى قرقيسيا ، فذلك كلّه جرى والإمام بعدُ في الكوفة لم يخرج إلى حرب صفين ، فياترى كم يستغرق جميع ما جرى من زمان؟
ولا يفاجأ القارئ إذا ما أتيناه بنص عند ابن اعثم جاء فيه : « فأمر جرير فقُدّمت أثقاله ثمّ استوى على فرسه وسار حتى قدم على عليّ (رضي الله عنه) بعد عشرين ومائة ليلة فأخبره بأخبار معاوية » (٣)!
____________
(١) نفس المصدر / ٦٨.
(٢) طبقات ابن سعد ٦ / ٢٩٤ ط ١ تح ـ الدكتور عليّ محمّد عمر نشر مكتبة الخانجي بالقاهرة.
(٣) كتاب الفتوح لابن أعثم ٢ / ٤٠٤ ط دار الندوة الجديدة بيروت.