قال : ذاك يوماً إنسان ويوماً شيطان ، وعقة لقس (١) إن كان ليكادح على المكيلة من بكرة إلى الظهر حتى تفوته الصلاة.
قال : فقلت : عثمان بن عفان؟قال : إن ولي حمل بني أبي معيط وبني أمية على رقاب الناس ، وأعطاهم مال الله ، ولئن ولي ليفعلن ، والله لئن فعل لتسيرّن العرب إليه حتى تقتله في بيته.
ثم سكت. قال : فقال : أمضها يا بن عباس أترى صاحبكم لها موضعا؟
قال : فقلت : وأين يبتعد من ذلك مع فضله وسابقته وقرابته وعلمه.
قال : هو والله كما ذكرت ، ولو وليهم لحملهم على منهج الطريق ، فأخذ المحجة الواضحة ، إلاّ أنّ فيه خصالاً : الدعابة في المجلس ، وإستبداد الرأي ، والتبكيت للناس مع حداثة السن.
قال قلت : يا أمير المؤمنين هلاّ استحدثتم سنّه يوم الخندق ، إذ خرج عمرو بن عبد ود وقد كعم (٢) عنه الأبطال ، وتأخرت عنه الأشياخ ، ويوم بدر إذ كان يقط الأقران قطاً (٣) ، وهلا سبقتموه بالإسلام ( إذ كان جعلته السعب وقريش يستوفيكم ) (٤).
فقال : إليك يابن عباس ، أتريد أن تفعل بي كما فعل أبوك وعلىّ بأبي
____________________
(١) الوعقة : الشراسة ، وشدة الخلق يقال به وعقة ، فهو وعقةٌ واللقيس : الشره النفس الحريض على كل شرح.
(٢) كعم عنه : من كعم الخوف فلاناً فلا يرجع.
(٣) قطه قطاً : القطع عامة أو عرضاً.
(٤) كذا في النسخة.